الحمد للهِ الذي هدانا لهذا وما كُنَّا لنهتديَ لولا أن هدانا الله، الحمدُ لله نَحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يَهْدِه الله، فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ، فلا هَادِيَ له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرضُ والسَّماواتُ، وخُلِقَتْ لأجلها جميعُ المخلوقات، وبها أَرْسَلَ الله تعالى رُسُلَه، وأنزلَ كتبه.
ونَشْهَدُ أَنَّ سيدَنا وإمامَنَا وقُدوتنا وأسوتَنا وشفيعَنا وحبيبنا محمدًا عَبْدُه ورسولُه، وأمينُه على وحيه، وخيرتُه من خلقه، صاحبُ لِواء الحمد والمقام المحمود، اللهم صَلِّ عليه وعلى إخوانه النبيين وآلِه الطيبين، وصحابتَه الغُرِّ الميامين:
أما بعدُ، فلا يختلِفُ اثنان مِن أهل العلم والدِّراية في أنَّ الإِمام ابن حَجر شهابَ الدين أبا الفضل أحمد بن عليّ الكِنانيَّ العَسْقلانيّ (٧٧٣ - ٨٥٢ هـ) كان شيخ الإِسلام وحافِظ الدِّيارِ المصرية، وإمام الحُفَّاظ في زمانه. حَمَل لواءَ السنة المُصطفوية في أوانه، وصار مَرْجِعَ النَّاس في التَّضعيف والتَّصحيح، وأَبْرَزَ الشهود والحُكَّام في التعديل والتجريح، مع الدِّيانة المتينةِ، والأخلاقِ الحَسَنة الرَّفيعة، والمُحاضرة اللَّطيفة، فلم تَرَ العيونُ مِثْلهُ، ولا رَأَى هو مِثْلَ نفسِه.