١٨١٧ - داودُ بن أبي هند القُشيريّ مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد، البصري: ثقةٌ مُتْقِنٌ كان يَهِمُ بأخَرةٍ، من الخامسة، مات سنة أربعين، وقيل قبلها. خت م ٤.
• قوله:"كان يَهمُ بأخرة" ليس بجيد، أخذه - حسب فهمه - من أبي داود الذي انفرد به، قال أحمد: ثقة ثقة، وقال يعقوب بن شيْبة: ثقة نبت. ووثقه سفيان بن عُيينة، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وابنُ حبان وغيرهم. وقال أبو داود وحده:"رجل البصرة إلا أنه خولف في غير حديثٍ". وهذا الكلام الذي ساقه أبو داود لا ينبغي أن يذكر، لأن ما من أَحدٍ من الثقات المتقنين إلا خُوِلفَ في بعض الأحاديث، قال ابن حبان:"وقد روى عن أنس خمسة أحاديث لم يسمعها منه. وكان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات إلا أنه كان يهمُ إذا حدَّث من حفظه، ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطئ، والوهم اليسير يَهم، حتى يَفحُش ذلك منه، لأن هذا مما لا ينفكُّ البشر منه، ولو سلَكْنا هذا المسلك للزمنا ترك جماعة من ثقات الأئمة، لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ، بل الصوابُ في هذا ترك من فَحُشَ ذلك منه، والاحتجاج بمن كان فيه ما لا ينفكُّ البشر منه".
قنا: وينبغي التنبُّه إلى أن لفظ: "يهم" لفظ غير دقيق فإن المضارع إذا كان يدلُّ على المدح أو الذم يفيد الاستمرار عند البلغاء، من ذلك قول الشاعر:
لا يألفُ الدِّرْهَمُ المضروبُ صُرَّتَنا ... لكن يَمُرُّ عليها وهو ينطلقُ
فقد يكون الراوي قد وهم في حديثين أو ثلاثة، فلا يقال فيه:"يهم"، وإنما اللفظ الصحيح أن يقال:"يهم في بعض ما يروي"، وإذا كثرت أوهامه وغلبت على نباهته، فيقال فيه حينئذٍ:"يهم"، وهو التعبير الذي يفيد استمرار وهمه في أغلب ما يرويه.