فأصل إيا على هذا القول إويا فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها كما قلبت في قيل وعيد واد غمت في الياء التي بعدها ولو بنيت من طويت اسماً على مثال فعلى لقلت طيا وكذلك من غويتُ ورويت غياً ورياً ولا يمتنع إن تكون إيا في الأصل فعل فيكون أصلها أويا إلا انهم لما قلبوا الواو إلى الياء لسكونها اختاروا الكسرة وهذا على قياس قولهم قرونٌ لي في جميع قرن ألوى فيضمون اللام على الأصل ويكسرونها من أجل الياء كما إنك لو بنيت اسماً على فُعل من طويتُ لجاز إن تقول طُي الأصل وطي فتكسر.
وذكر المازني انك لو بنيت اسماً على فُعل من جاء يجيىء لقلت جيىء فان خففت الهمزة جاز لك إن تضم وتكسر فتقول جي وجي هذه على قياس قول الخليل وسيبويه فأما سعيد بن مسعدة فانه إذا بني اسماً على فُعل من ذوات الياء قلبها إلى الواو في الواحد دون الجمع فيقول في فعل من البيع به بوع ومعيشه عنده مفعلة لا غير وهي عند الخليل وسيبوية مفعلة ولا يمتنع إن تكون مفعلة وسعيد بن مسعدة يذهب إلى إنه لو بني من العيش مثل مفعلة لقال معوشة ومن ذهب إلى هذا الرأي أجاز إن تكون مؤونة مفعلة من الأين ومضوفة مفعلة من ضاف يضيف في قول الهذلي:
وكنت إذا جاري دعا لمضوفة ... أشمرُ حتى ينصف الساق مئزري
فاما قول العجاج:
وقد نُرى إذ الحياة حيوإذ زمانُ الناس دغفلي فالحي الحياة والمعنى اذ الحياة حياة كما تقول إذ الناس ناس ويجوز إن يكون حي على فعلٍ أو على فُعل ثم كسرت الحاء لأجل الياء وكان الفراء يزعم إن الحي جمع حياة على حد قولهم خشبة وخشب وأكمة وأكم وساحة وسوح وكان يجيز الضم في الحاء كما قالوا قرون لي على الأصل ولي لأجل الياء.
والوجه الآخر في إشتقاق أيا إن يكون من همزة وياءين فيكون أصلها من أصل اية والآية العلامة والشخص، ويقال خرج القوم بآيتهم أي علامتهم وجماعتهم. قال البرج بن مسهر:
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا ... بآيتنا نزجي العتاق المطافلا
وذلك راجع إلى العلامة لأن جماعة الشيء هي التي بها حقيقته وقيل للشخص آية لأنه الذي يعلم به حقيقة الإنسان، وقالوا تأييت بالمكان مثل تمكثت والمعنى أني غادرت به علامة بنفسي وأظهرت فيه آيتي أي شخصي قال الكميت:
قف بالديار وقوف زائر ... وتأي إنك غير صاغر
وقالوا تآييت الشيء إذا تعمدت آيته قال لبيد:
فتآيا بطرير مرهف ... جفرة المحزم منه فسعل
فيكون معنى إياها هنا المعنى الأول معنى الشخص والحقيقة راجح إلى المعنى الأول فإذا قلت اياك أردت فالمعنى حقيقتك طلبت، لأن شخص الإنسان حقيقته ويجوز إذا قيل إن مركبة من همزة وياءين أن يكون اشتقاقها من أياة الشمس وأيائها وهو ضوءها فيراد باءيا النفس التي بها ضياء الجسد ومتى خلا منها ذهب حسنه ونضارته قال الاءيادي:
حلت عليه إياة الشمس أوراقا