وإذا كان هذا التيسير مطلوباً في الأزمان الماضية؛ فهو أشد ضرورة ونحن أكثر حاجة إليه في أزماننا هذه، التي يستغرق فيها التعليم الدنيوي كل عمر الإنسان، وتستهلك فيها الحضارة الحديثة كل وقته، ويركض الناس فيه خلف الحياة بكل طاقاتهم وجهدهم.
ولذلك كان المنهج السلفي لتعليم الإسلام وتعلمه هو المنهج الأكمل الأسلم؛ لأنه يأخذ من الفرد أقل الأوقات، ويعطيه أعظم الفوائد، فلا يفني الفرد عمره في معرفة حواش وجزئيات وفرعيات وخزعبلات لا تغني عنه في دينه ولا دنياه شيئاً، وإنما ينصرف إلى حقائق الدين رأساً، فيتعلم أصول التوحيد ليصحح إيمانه وعقيدته، وأصول العبادات ليصح عمله ويكون صالحاً، وأصول التزكية والأخلاق لتزكو نفسه وتطهر، وكل ذلك من الكتاب والسنة، حيث يتعامل السلفي مع كلام الله الذي سماه روحاً ونوراً، ومع كلام الرسول الذي هو الحكمة والهداية.
وهذه هي الفائدة الثالثة والميزة الأولى للسير في الطريق السلفي، طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي علم أمة كاملة بأيسر الجهود وأقل التكاليف.
وهكذا كان صحابته كما قال ابن مسعود:"أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً، وأقلهم تكلفاً".
وهكذا نريد الجيل السلفي الحديث، على نحو الرعيل الأول: أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً، وأقلهم تكلفاً.