وقد بدأ هذا الاختلاف يسيراً في مسائل قليلة؛ كالحكم على مرتكب الكبيرة الذي مات ولم يتب منها؛ أكافر هو أم مسلم؟ وهل يجب قتاله أم لا؟ وفي سبيل ذلك نشأت بدعة الخوارج ثم المعتزلة.
ثم بدأ الخلاف حول صفات الله سبحانه وتعالى وأسمائه.
ثم توسع الخلاف العقائدي ليشمل مسائل كثيرة، ويمزق المسلمين إلى نحل وعقائد شتى.
ونظرة سريعة إلى كتاب من كتب الفرق؛ كـ "الملل والنحل" للشهرستاني، و "الفرق بين الفرق" لعبد القادر الجرجاني، أو "اختلاف المسلمين وعقائد المصلين" لأبي الحسن الأشعري؛ يريك كم من الفرق العقائدية ظهر قبل تمام القرن الثالث الهجري.
واختلاف العقائد بالطبع يؤدي إلى اختلاف القلوب والأعمال.
والدعاة السلفيون منذ الصدر الأول دعوا الناس إلى التمسك في أمور العقائد بالكتاب والسنة، وترك التأويل الباطل والهوى والتعصب، وكان لدعوتهم من البركة أن بقي جمهور المسلمين وعامتهم على سنن الحق متمسكين في عقائدهم بالكتاب والسنة.
والدعاة السلفيون في هذا العصر، السائرون على منهج السلف الأول في دعوتهم وجهادهم، يدعون الأمة كذلك إلى أخذ عقائدها من الكتاب والسنة فقط، ونبذ جميع البدع العقائدية، والاجتهادات والتصورات الغيبية، التي جاء بها المشعوذون والدجالون والمتكلمون على الله بلا علم، وذلك لجمع شمل الأمة على كلمة سواء، فيكون إيمانهم واحداً، وبذلك تكون قلوبهم واحدة.
[ثانيا: الاختلافات العملية:]
وهذه الاختلافات في أمور العمل من عبادة ومعاملة ونحو ذلك، وإن كان ضرره أخف من أضرار الاختلاف في العقائد؛ إلا أنه يجر أحياناً إلى الشقاق والخلاف.
ولذلك كره رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاف مطلقاً، حتى في هذه الأمور العلمية الفقهية.