وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:[مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تدعى له سائر الجسد بالحمى والسهر] .
وقال صلى الله عليه وسلم:[لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقابَ بعض] .
وقال صلى الله عليه وسلم:[سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر] .
وحث الله ورسوله على كل ما يقرب المسلم من أخيه المسلم، وأجزل الله العطاء لذلك؛ فقد جاء في الحديث: أن رجلاً غفر الله له عندما خرج ليزور أخاً له في الله في قرية غير قريته، وأن الله عجب من رجل وامرأة أطعما ضيفهما وباتا جياعاً مع أولادهما.
والحق أن الإسلام لم ينشر إلا بهذه الأخوة العجيبة، التي ربطت بين الصحابة رضوان الله عليهم في صدر الإسلام، فلولا إيواء الأنصار لإخوانهم المهاجرين، وحب المهاجرين وعفتهم مع إخوانهم الأنصار؛ لما كانت هذه الفتوح العظيمة وهذا الانتشار السريع للإسلام شرقاً وغرباً.
ولذلك كان من أعظم البلاء على أمة الإسلام ما وقع بينهم من فرقة وخلاف وشقاق جعل السيف بينهم بعد أن كان على أعدائهم، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة:[خذ هذا السيف؛ فقاتل به، حتى إذا وجدت أمتي قد اختلفت وضرب بعضها بعضاً؛ فحطمه على صخرة من صخور سلع] .
أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وهكذا فعل محمد بن مسلمة.
ولذلك قال تعالى:{ولا تنزعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}(الأنفال: ٤٦) .
أي أن الفشل وغياب النصر سببه الفرقة، وهذا هو شأن المسلمين في العصر الحاضر: أمة عظيمة العدد، واسعة الإمكانيات، غنية التراث، ولكنها مع ذلك أمة ضعيفة مشتتة مهزومة، وما ضعفها إلى بفرقتها وتنازعها.
وقد دخل التنازع والفرقة على المسلمين من أبواب كثيرة، وأهم هذه الأبواب ما يلي: