كان في درجة الكمال خلقا وهيئة ومنظرا، وكان إلى جانب عنايته بمظهره " حسن الخط كثير الضبط، وهذا مما يعني به المحدثون أكثر من غيرهم، كما كان يراعي آداب المحدث في القراءة المفصحة فكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته من كان في آخر الجامع، وكان يقرأ مع هذا معربا صحيحا ".
وكان حريصا على العلم لا يفارق المطالعة لحظة، قال ابن الآبنوسي:" كان الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه " وكان كثير التعبد تاليا للقرآن، حتى ذكر من رافقه في السفر " أنه كان يختم كل يوم ختمة إلى قرب المغيب قراءة ترتيل ".
وكان على عفة وترفع عن الدنيا، ابتعد عن الدخول إلى السلطان والتقرب إليه، كما ابتعد عن السياسة، وهذا أمر حسن يتيح للعالم التفرغ لنشر العلم، وينفع الناس به نفعا كثيرا.
عرف الدنيا وزخرفها الباطل وغرورها الخادع، فترفع عنها، ومن قوله في ذلك هذه الأبيات من الشعر:
لا تغبطن أخا الدنيا بزخرفها … ولا بلذة وقت عجلت فرحا
فالدهر أسرع شئ في تقلبه … وفعله بين للخلق قد وضحا
كم شارب عسلا فيه منيته … وكم تقلد سيفا من به ذبحا
ومن كان على هذه المعرفة بالدنيا كان واثقا بالآخرة عاملا لها متورعا تقيا، يتجنب ما فيه شبهة ويجتهد في القربات بالعبادة والدعاء، والذكر والقرآن، والصدقات.
ثم إن التواضع من شيم العلماء البارزة التي تدل على علو كعبهم في العلم،