للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يحيى إماما محدثا وفقيها كبيرا (١). وهكذا كان كبار العلماء يفعلون، يأخذون المذهب وقد يختارون في بعض المسائل غير حكم المذهب.

وقد قال الإمام أبو داود السجستاني: " رحم الله أبا حنيفة كان إماما" (٢).

وفي الواقع أن شأن أبي حنيفة أكبر من أن يحتاج للدفاع عنه، وإن ما فعله الخطيب خطيئة وقع فيها، تأثر فيها بتيار المناقشات الدنيوية التي أدى إليها التعصب المذهبي المقيت، وكانت بغداد مرتعا خصبا لذلك. وهذا كله على فرض ثبوت ذلك عن الخطيب البغدادي هو هفوة منه - ولكل جواد كبوة - تغمرها حسناته وخدماته للاسلام. ويرى بعض العلماء المحققين عدم صحة ذلك، وأنه مدسوس على كتاب الخطيب، واستشهدوا لذلك بدلائل قوية لا نطيل بها تدل على عدم ثبوت ذلك عنه (٣)، وذلك هو الذي يليق بمثله.

[٣ - منهج الخطيب في علم الحديث]

وعلم الحديث أشهر ما عرف به الخطيب البغدادي وظهر فيه أثره، فقد كان محدثا حافظا إماما، واحد زمانه في علم الحديث وفنونه، برع في سلوك طريقة المحدثين حتى وافي النهاية، وحسبك في هذا أن ينصب


(١) قال أحمد: " ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان " وقال عبد الرحمن بن مهدي: " لا ترى بعينك مثل يحيى القطان " وانظر المزيد من ذلك في تذكرة الحفاظ ص ٢٩٨ - ٣٠٠ وغيره.
(٢) جامع بيان العلم بلفظه ج ٢ ص ١٦٣ والتذكرة ص ١٦٩.
(٣) انظر في ذلك تأنيب الخطيب وكتاب الخطيب البغدادي للدكتور محمود الطحان ص ٢٦٣ - ٣٠١ فقد توسع في ذلك وفي مناقشة تلك الروايات الطاعنة سندا ومتنا بما لا يدع مجالا للشك في بطلانها. وانظر كتاب "أبو حنيفة " للأستاذ غاوجي ص ٢٠٥ - ٢٧٧. ففيه مزيد مناقشات.

<<  <   >  >>