للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث مشكل لأنه يجعل لله يدا، وذلك تجسيم وتشبيه، معارض للأدلة القاطعة بتنزيه الله عن ذلك، وقد أزال الترمذي الإشكال وحقق المسألة فتعرض لمسألة المتشابهات وأبان الحق فيها، فقال:

(وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ويؤمن بها، ولا يتوهم ولا يقال كيف، هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.

وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا التشبيه.

وقد ذكر الله ﷿ في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة.

وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا كان يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع، فإذا قال: سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله في كتابه: " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ") انتهى (١).


(١) جامع الترمذي كتاب الزكاة (باب ما جاء في فضل الصدقة) ج ٣ ص ٥٠ - ٥١.

<<  <   >  >>