الحمد لله نور السماوات والأرض، أنار قلوب عباده بالعلم والعرفان.
وصلى الله على سيدنا محمد منقذ الانسان من ظلمات الجهل والجاهلية إلى نور العلم والايمان.
أما بعد:
فان المرء ليعجب لما يحدثنا به التاريخ عن علماء الاسلام عامة والمحدثين خاصة من أنباء رحلاتهم المضنية التي قاموا بها من أجل العلم، رغم أبعاد السفر الشاسعة، ومشقاته في أيامهم يجتازون العقبات ويستهينون بالصعوبات في سبيل العلم، لا يطمحون من وراء ذلك إلى جاه أو وظيفة يشغلونها، ولا يطمعون في دنيا يصيبونها.
وإن كتاب " الرحلة في طلب الحديث " للامام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، برهان عظيم وآية كبرى في إثبات ما بلغه علماؤنا العظام من علو الهمة وسمو القصد، وشرف الغاية والوسيلة نقدمه للقراء اليوم نستنهض به هم شبابنا المثقف وحمية طلبة العلم ليسلكوا سبيل أساتذتهم الأوائل علماء أمتهم الخالدين ويعيدوا للعالم أشرف سياحة عرفها، هي السياحة للقاء العلماء والتزود من توجيهاتهم والإفادة من معينهم العلمي والروحي العظيم.