للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعذوبة بيان كما قال تعالى في شأن داود {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} [ص: ٢٠].

فإذا كان مجيدا لكل هذا أقره على عمله وإلا منعه كما اختبر على بن أبي طالب الحسن البصري- رحمه الله- وهو يتكلم على المنبر فقال له: ما عماد الدين؟ قال: الورع؛ قال: ما آفته؟ قال: الطمع؛ قال: تكلم إذا.

وقد كانت مرتبة الوعظ من المراتب الشريفة في الصدر الأول وكفى بها منقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر ووعظ، وصعد عليه الخلفاء الراشدون والملوك والولاة وكل ذي شأن خطير في الأمة.

وقد كان لا يرقى المنبر إلا رجلين: رجل عظيم الشأن يصعد المنبر واعظاً للناس مبشراً ومنذراً حاثاً على العمل الصالح ومحذراً من ارتكاب العمل الطالح، أو خطيب مسجد مولى من قبل الخليفة وقد كان الفقهاء والأدباء يسمون الوعاظ قصاصاً، والآن قامت وزارة الأوقاف بأداء هذه المهمة، فقسم المساجد يمتحن الوعاظ ويختار منهم الصالحين لأداء هذه المهمة ويوزعهم في أرجاء البلاد، وقد كان لهم أثر نافع في صلاح حال العامة في الديار المصرية، فهم يجوسون خلال الديار مذكرين مبشرين ومنذرين. لا يخفى ما للذكرى من أثر نافع في قلوب المؤمنين {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} [الذاريات: ٥٥] فيها تلين القلوب وترقرق الدموع على الخدود.

<<  <   >  >>