وجاء ابن جنيٍّ في الخصائص وأبدى بزعمه حكمة في استعمالهم القضم لليابس والخضم للرَّطْب، وقال: اختاروا الخاء لرخاوتها للرَّطْب، والقاف لصلابتها لليابس، وذكر أشياء من هذا النَّحو ممَّا حاكت فيه المعاني ما بالألفاظ.
فقال [أبو] محمد بن السيِّد: لعَمْرِي إنَّ العرب رُبَّما حاكت المعنى باللَّفظ الذي هو عبارة عنه في بعض المواضع، ويوجد تارة ذلك في صيغة الكلمة، وتارة في إعرابها، فأمَّا في الصِّيغة فقولهم للعظيم الرَّقَبة: رَقبانُّي، والقياس رَقَبِيَّ، وللعظيم اللِّحية: لحيانيَّ، والقياس لحييَّ، وللعظيم الجمة: جماني، فزادوا في الألفاظ على ما كان ينبغي أن تكون عليه، كما زادت المعاني الواقعة تحتها.
وكذلك يقولون: صرَّ الجُنْدِب: إذا صوَّت صوتاً لا تكرير فيه، فإذا كثَّر الصوت قيل: صَرصَر.
وأمَّا محاكاتهم المعنى بإعراب الكلمة دون صيغتها فإنا وجدناهم يقولون: صعد زيد في الجبل، وضرب زيد بكراً، فيرفعون اللفظ كما ارتفع/ المعنى الواقع تحته.
قال أبو محمد: ولكن هذا قياس غير مُطَّرد، ألا تراهم قالوا: