للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لأن حفظ الدين هو حفظ المجتمع بكامله؛ إذ إن الشريعة بكل ما اشتملت عليه من الأحكام التكليفية إنما هي أثر من آثار العقيدة، فكلما قويت العقيدة تأكد هذا الجانب التشريعي، ورسخت جذوره عن طريق التطبيق العملي، ولهذا فإن حفظ الدين أول الضرورات في المقاصد واجبة الحماية.

ولا مانع من أن يكون حكم قتل المرتد في الإسلام متفقاً مع ما جاء في شريعة عيسى ، كما استشهد له الكاتب بما جاء في الإنجيل وهو (فالذي يكفر باسم ربك يقتل ويرجمه جميع أفراد الجالية) (الكتاب ١٦/ ٢٤) وكذلك ما جاء فيه (فلنعبد آلهة آخرين … نرجمه ويموت) (١٣: ٢١٩)

حكم قتل المرتد لم يلجأ إليه الفقهاء لا في القرون الوسطى، ولا في غيرها، تحت تأثير الإنجيل كما زعم الكاتب؛ لأن الإسلام ناسخ لجميع ما قبله من الأديان، والملل، والشرائع قال تعالى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٩)(آل عمران: ١٩)

ولكن هذا حكم الله بلغه رسوله ، وطبقه الصحابة رضوان الله عليهم، والمسلمون في جميع العصور، تنفيذاً لأمر الله، وأمر رسوله، كما طبقوا جميع الأحكام الشرعية الأخرى.

ومن الغريب أن يكون تطابق شهادتين موجبا لتساقطهما -في نظر الكاتب- بدلاً من أن يكون موجباً لزيادة الثقة فيهما.

إن قسوة عقوبة الردة تضفي الحماية على التدين الحقيقي فتحول دون عبث العابثين بالأديان عامة؛ لأن ظاهرة الاستهتار التي برزت في ظل الحضارة الصناعية المعاصرة أصبحت تشكل خطراً على جميع الأديان لا على دين واحد.

<<  <   >  >>