بعد أن أدمجت فيها مجموعة ما رصد في هذه المراصد إذ عينت انحراف سمت الشمس بثلاث وعشرين دقيقة واثنتين وخمسين ثانية وهو ما يعادل الرقم الحاضر اليوم ثم رصد الاعتدال الشمسي فمكنهم من تعيين السنة بالضبط.
قال ابن قتيبة عن علماء الفلك المسلمين الأقدمين إنهم أعلم الأمم بالكواكب ومطالعها ومساقطها. وفي عصر المأمون العباسي وضع أبناء شاكر قياساً للدرجة على الأرض ووضعوا التقاويم للأمكنة وقاسوا عرض بغداد وكان مقداره ثلاثاً وثلاثين درجة وعشرين دقيقة.
لقد مكث العالم المسلم محمد بن جابر بن سنان واحداً وأربعين سنة يرصد النجوم والكواكب في مرصد الرقة في أرض الشام حتى تمكن من تصحيح بعض نتائج بطليموس اليوناني وجاءت نتائج أرصاد هذا العالم المسلم غاية في الدقة والضبط والإحكام والإتقان.
وأبو الحسن المراكشي وهو من علماء القرن الثامن الهجري قام بجهود كبيرة في خدمة علم الفلك ولقد عني بضبط خطوط الطول والعرض لإحدى وأربعين مدينة إفريقية واقعة ما بين مراكش والقاهرة.
وسجل العالم البتاني وهو أحد عشرين عالماً فلكياً سبقاً لم يتقدمه أحد إليه حتى قال المسعودي عنه إنه أول من كشف السمت والنظير وحدد نقطتيهما من السماء. لا أريد أن أتوسع في بيان ما صنعه علماء الإسلام من عجائب وغرائب في علم الفلك وهي كثيرة لا تحصى إذ أنني أريد أن أنتقل إلى صلب الموضوع وهو حركة الأرض والشمس.
والجواب أن يقال لو توسع الصواف فيما ذكره عن الفلكيين وأطال الكلام بما لا فائدة فيه وما هو خارج عن الموضوع الذي قرره الشيخ ابن باز فكلامه ههنا في واد وكلام الشيخ في واد آخر.
والكلام على ما تضمنه كلام الصواف من الأخطاء من وجوه: أحدها أن ما زعمه من سبق العلماء إلى القول بحركة الأرض وثبات الشمس ليس بصحيح. وإنما كان السابق إلى ذلك فيثاغورس اليوناني فهو أول من قال بحركة الأرض وثبات الشمس وكان زمانه قبل زمان المسيح بنحو خمسمائة سنة وقيل ستمائة سنة. وقد خالفه أهل الهيئة القديمة وكان قوله مهجوراً عندهم إلى أن جاء فلاسفة الإفرنج المتأخرون ومنهم كوبرنيك