أحد المتناقضين كذب الآخر ولا يمكن صدقهما معاً ولا كذبهما معاً. فإذا تقرر هذا فنقول إذا ثبت للأرض السكون انتفى عنها عدم السكون وهو مساوٍ للحركة وهو خبر الله تعالى. وإن ثبت للأرض الحركة انتفى عنها عدم الحركة وهو مساوٍ للسكون لأنه يلزم لزوماً بينا من انتفاء النقيض انتفاء المساوي له. وهذا الشق الأخير باطل قطعاً ومعتقده كافر كما تقدم انتهى كلام الكافي.
فصل
وقد استدل بعض العصريين على ما زعموه من حركة الأرض ودورانها على الشمس بقول الله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) الآية. وهذا من الإلحاد في آيات الله تعالى وتحريف الكلم عن مواضعه لأن الآية إنما سيقت في ذكر ما يكون يوم القيامة. وقد بين الله ذلك بقوله (ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين) ثم قال تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون. من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون, ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون).
فدلت هذه الآية على أن مرور الجبال مثل مر السحاب إنما يكون يوم القيامة لا في الدنيا. وقد أوضح الله ذلك في آيات كثيرة من القرآن كقوله تعالى (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً) وقوله تعالى (إن عذاب ربك لواقع. ماله من دافع. يوم تمور السماء موراً. وتسير الجبال سيراً. فويل يومئذ للمكذبين) قوله تعالى (إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت) الآيات إلى قوله تعالى (علمت نفس ما أحضرت). وقوله تعالى (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً. فيذرها قاعاً صفصفاً. لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا. يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً. يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) وقوله تعالى (فإذا