وفيه دليل على استقرار الأرض وسكونها وهذا مستفاد من النص على تحريم ما حيال حرم مكة من السماء. ولو كانت الأرض تدور كما يزعمه أهل الهيئة الجديدة لما كان حرم السماء بحيال حرم الأرض في كل وقت بل يكون بحياله تارة وبحيال غيره تارات وهذا تكذيب للحديث بلا برهان.
الحديث الخامس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل» الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبيهقي وقال الترمذي هذا حديث إسناده حسن صحيح.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على استقرار الأرض وثباتها أن الله تعالى جعل الأرض مركزاً للأثقال ومستقراً لما ينزل من السماء ولو كانت الأرض تجري وتدور على الشمس كما زعمه أهل الهيئة الجديدة لكانت الشمس هي المركز والمستقر للأثقال وهذا تكذيب لهذا الحديث الصحيح.
وفي الحديث دليل آخر على استقرار الأرض وثباتها وذلك مستفاد من النص على أن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة. والنص شامل لوجه الأرض من جميع الجهات لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ولم يخص جهة منها دون الجهة الأخرى فدل عموم النص على أن المسافة بين السماء والأرض خمسمائة سنة من كل جهة. وقد قرر الإمام أبو الحسين ابن المنادي أن بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد ووافقه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية وغيره على ذلك. وفي حديث عبد الله بن عمرو الذي ذكرنا دليل لما قالوه. وكذلك ما سيأتي من حديث أبي هريرة وابن مسعود والعباس وأبي سعيد رضي الله عنهم في تقدير المسافة بين السماء والأرض. وقد قرروا أيضاً أن السماء مستديرة وأنها على مثال الكرة وأنها محيطة بالأرض من جميع جهاتها وأن الأرض كروية الشكل وهي في وسط كرة السماء وحكى غير واحد الإجماع على ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وهذا مع النص على أن المسافة بين السماء والأرض خمسمائة سنة يدل على أن الأرض ثابتة لا تفارق موضعها.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى اعلم أن الأرض قد اتفقوا