اليوناني وكان زمانه قبل زمان المسيح بنحو من خمسمائة سنة. وقيل ستمائة. وذهب كبير الفلاسفة ومقدمهم بطليموس - وكان زمانه قبل المسيح بنحو مائة وخمسين سنة - إلى أن الأرض هي المركز الثابت وإن الشمس والقمر وسائر الكواكب تدور على الأرض. وأهل الهيئة القديمة يقولون بهذا القول وهو الحق الذي تدل عليه الآيات والأحاديث الصحيحة وأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدى من بعدهم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وأما قول فيثاغورس فكان مهجوراً نحو من ألف وثمانمائة سنة حتى ظهر الفلكي البولوني «كوبرنيك» في القرن العاشر من الهجرة فقرر رأي فيثاغورس وأيده بالأدلة الرياضية. ولما كان في أثناء القرن الثاني عشر من الهجرة ظهر هرشل الإنكليزي وأتباعه من فلاسفة الإفرنج أصحاب الرصد والزيج الجديد فنصروا قول فيثاغورس وردوا ما خالفه وشاع قولهم منذ زمانهم إلى زماننا هذا وتلقاه كثير من المسلمين بالقبول تقليداً لأعداء الله تعالى. وذلك بسبب سيطرة الإنجليز وبعض الدول الأوربية على كثير من بلاد الإسلام في آخر القرن الثالث عشر من الهجرة وأكثر القرن الرابع عشر. فامتزج أهل تلك البلاد بأعداء الله تعالى امتزاجاً تاماً.
وظهر النشء منهم متثقفين بالثقافة الإفرنجية يحذون حذو أعداء الله تعالى في هيئاتهم وأنظمتهم وقوانينهم ويسارعون إلى قبول آرائهم وظنونهم وتخرصاتهم. ويتمسكون بها أعظم مما يتمسكون بنصوص الكتاب والسنة. وكثير منهم كانوا يسافرون إلى الجامعات الأوربية ويتروون من تعاليمها الآجنة المسمومة عللاً بعد نهل حتى فشت فيهم الزندقة والإلحاد والاستخفاف بشأن القرآن العظيم فكان كثير منهم يحملونه على ما يوافق آراء الإفرنج وأقوالهم الباطلة كما هو موجود في كثير من مصنفاتهم فأدخلوا بذلك على المسلمين شراً كثيراً فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهؤلاء الذين ذكرنا من فلاسفة الإفرنج وهم كوبرنيك وهرشل وأتباعهما يقال لهم أهل الهيئة الجديدة.
قال محمود شكري الألوسي في مقدمة كتابه الذي سماه «ما دل عليه القرآن. مما يعضد الهيئة الجديدة» قد شاع في عصرنا قول فيثاغورس الفيلسوف الشهير في هيئة الأفلاك ونصره الفلاسفة المتأخرون بعد أن كان عاطلاً مهجوراً وهو القول بحركة الأرض اليومية والسنوية على الشمس وأنها هي مركز نظامها وأن الأرض إحدى الكواكب