وهذا العلم المردي المهلك هو الذي نجم عنه القول بسكون الشمس ودوران الأرض والكلام في السموات والأجرام العلوية بمجرد الآراء والظنون الكاذبة.
وقد كان الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان في عافية من هذا العلم المردي المهلك وإنما شغف به المتأخرون في زماننا لبعدهم عن منهاج الصحابة والتابعين وشدة ميلهم إلى أقوال الإفرنج وتمسكهم بآرائهم وتخرصاتهم وظنونهم الكاذبة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الوجه العاشر أن الظاهر من صنيع الصواف حيث ذكر الفلكيين ههنا وأطنب في ذكرهم وذكر مراصدهم والثناء عليهم مع أن ذلك خارج عن موضوع البحث الذي هو بصدده أنه أراد إيهام من لا علم عنده أنهم كانوا يقولون بحركة الأرض وثبات الشمس. وليس الأمر كذلك فإن الفلكيين الذين ينتسبون إلى الإسلام من قبل ظهور أهل الهيئة الجديدة كانوا على مذهب أهل الهيئة القديمة في القول بجريان الشمس وثبات الأرض, وإذاً فأي فائدة في ذكرهم ههنا وذكر مراصدهم لولا قصد الإيهام الذي أشرنا إليه.
الوجه الحادي عشر أن الصواف صرح أن محمد بن جابر مسلم ثم ذكر بعده البتاني وجعله من جملة علماء المسلمين الذين أثنى عليهم. ويظهر من كلامه أنه يرى أن البتاني غير محمد بن جابر. وهذا بخلاف ما ذكره محمد فريد وجدي في كتابه دائرة المعارف فإنه ذكر أن محمد بن جابر هو البتاني وأنه ليس بمسلم وإنما هو من الصابئين وذكر عنه أنه رصد النجوم نحواً من إحدى وأربعين سنة. وأنه كان يرصد في الرقة وفي أنطاكية ومحمد فريد وجدي أعلم بالفلكيين من الصواف فكلامه ههنا هو المعتمد لا ما توهمه الصواف.
فصل
قال الصواف (حركة الأرض) يؤسفني أنه ليس لدي الآن من المصادر الإسلامية الكثيرة لعلم الفلك سوى كتاب واحد وفيه البركة بإذن الله وفيه ما يغني ويسد في