ومنها أنه في صفحة ١٠٩ و ١١٠ ذكر عن أهل الهيئة المتأخرين أن قيام العالم العلوي والسفلي بالجاذبية.
وهذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة فلا ينبغي أن يثبت أو ينفى إلا بدليل يدل على ذلك.
وقد قال الله تعالى (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا. ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) وقال تعالى (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه) وقال تعالى (ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره).
فالسماء والأرض قائمتان بأمر الله تعالى وهو الذي يمسكهما أن تزولا ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه. وحسب المسلم أن يعتقد ما أخبر الله به في كتابه ولا يتعداه. ومنها ما في صفحة ١١٦ نقلا عن صاحب روح المعاني أنه قال في الشمس لا يبعد أن تكون لها نفس ناطقة كنفس الإنسان. بل صرح بعض الصوفية بكونها ذات نفس ناطقة كاملة جداً. قال والحكماء المتقدمون أثبتوا النفس للفلك, وصرح بعضهم بإثباتها للكواكب أيضاً وقالوا كل ما في العالم العلوي من الكواكب والأفلاك الكلية والجزئية والتداوير حي ناطق - ثم ذكر هذياناً كثيراً إلى أن قال في صفحة ١١٧ - فيمكن أن يقال للشمس نفساً مثل تلك الأنفس القدسية إلى آخر ما قاله من الهذيان.
قلت أما وصفه للفلاسفة بالحكماء فهو خطأ ظاهر. والصواب أن يقال إنهم هم السفهاء الأغبياء الجاهلون لأنهم قد أشركوا بالله وخالفوا ما جاءت به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, وزعموا أن النبوة مكتسبة وأنها فيض يفيض على روح النبي إذا استعدت نفسه لذلك فمن راض نفسه حتى استعدت فاض ذلك عليه, والنبي عندهم من جنس غيره من الأذكياء الزهاد لكنه قد يكون أفضل. والملائكة عندهم هي ما يتخيل في نفسه من الخيالات النورانية, وكلام الله هو ما يسمع في نفسه من الأصوات بمنزلة ما يراه النائم في منامه. ويجوزون على الأنبياء الكذب في خطاب الجمهور للمصلحة والفيلسوف عند بعضهم أعظم من النبي. وعند بعضهم أن الرسالة إنما هي للعامة دون الخاصة. والعبادات كلها عندهم مقصودها تهذيب الأخلاق. والشريعة عندهم سياسة مدنية. إلى غير ذلك من أقاويلهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة, وقد كان معلمهم الأول