للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه حين غربت الشمس «تدري أين تذهب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم) رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي والشيخان والترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.

وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً «أتدرون أين تذهب هذه الشمس قالوا الله ورسوله أعلم قال إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك حتى العرش فيقال لها ارجعي ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها».

وهذا الحديث صحيح في بيان المراد من قول الله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها). وفيه الرد على من تأول الآية على غير تأويلها.

وأما قول الألوسي أو يقال معنى جريانها لمستقر أنها تجري على مركزها ومحورها. فهو خطأ مردود من وجهين. أحدهما أن الذي يجري لا يثبت في موضعه بل يفارقه بالانتقال إلى غيره كما قال الله تعالى (ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام. إن يشاء يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره).

ففرق سبحانه وتعالى بين جري السفن في الماء وبين ركودها على ظهر البحر وهو وقوفها وسكونها عليه.

وقال تعالى عن سفينة نوح عليه الصلاة والسلام (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم, وهي تجري بهم في موج كالجبال) الآيات إلى قوله تعالى (واستوت على الجودي).

ففرق تبارك وتعالى بين جري السفينة في الماء وبين رسوها واستوائها على جبل الجودي

<<  <   >  >>