لتسلكوا منها سبلا فجاجا) قال البغوي على قوله (والله جعل لكم الأرض بساطاً) فرشها وبسطها لكم وقال ابن كثير أي بسطها ومهدها وقررها وثبتها بالجبال الراسيات الشم الشامخات (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) أي خلقها لكم لتستقروا عليها وتسلكوا فيها أين شئتم من نواحيها وأرجائها وأقطارها.
الآية التاسعة عشرة قوله تعالى في سورة الملك (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) قال ابن كثير رحمه الله تعالى ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض وتذليله إياها لهم بأن جعلها قارة ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال.
وقال القرطبي في تفسيره وقيل أي ثبتها بالجبال لئلا تزول بأهلها ولو كانت تتكفأ متمايلة لما كانت منقادة لنا.
قلت قد زعم أهل الهيئة الجديدة ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من المسلمين أن الأرض تسير في الثانية أكثر من ثلاثين كيلومتراً وأنها تقطع في اليوم الواحد أكثر من خمسمائة ألف فرسخ. ولو كان الأمر على ما زعموه من سير الأرض بهذه السرعة الهائلة لما كانت ذلولا للخلائق ولا فراشاً ولا مهداً ولما استقر على ظهرها شيء من البناء والشجر فضلا عن الحيوانات وذلك لشدة مخرها للهواء وشدة صدم الهواء لوجهها.
واعتبر ذلك بالطائرة النفاثة التي لا تبلغ في سرعة سيرها عشر عشر العشر مما زعموه في سرعة سير الأرض. هل يقول عاقل أنه يمكن أن يستقر حيوان على ظهر الطائرة النفاثة وهي سائرة. كلّا لا يقول ذلك عاقل أبداً. وإذا كان استقرار الحيوانات على ظهر الطائرة في حال سيرها مستحيلا فكذلك الاستقرار على ظهر الأرض لو كانت تسير بالسرعة الهائلة التي زعموها بطريق الأولى ولما كانت الأرض ذلولا للخلائق وفراشاً ومهداً لهم دل ذلك على أنها ثابت ساكنة.
فهذه الآية والآيات الخمس قبلها من أوضح الأدلة على سكون الأرض وثباتها.
الآية العشرون قوله تعالى في سورة الملك (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) قال ابن كثير أي تذهب وتجيء وتضطرب.
وقال البغوي قال الحسن تتحرك بأهلها وقيل تهوي بهم وقال الراغب الأصفهاني