قال الله تعالى في سورة الم تنزيل السجدة (الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش) الآية. وقال تعالى في سورة ق (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام) الآية. وقال تعالى في سورة الدخان (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين) وقال تعالى في سورة الأنبياء (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) وقال تعالى في سورة ص (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلا) الآية. وقال تعالى في سورة الحجر (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) الآية. وقال تعالى في سورة الأحقاف (ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى) الآية وقال تعالى في سورة ص (أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما) الآية. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الهواء مستقل بنفسه وليس تابعاً للأرض.
وكما أن كلاً من السماء والأرض مستقلة بنفسها وليست تابعة للأخرى فكذلك الهواء مستقل بنفسه وليس تابعاً للسماء ولا للأرض ولا يتصور أن يكون الهواء تابعاً لغيره إلا فيما يكون محجوزاً بالسقوف والجدر ونحوها كالهواء الذي يكون في داخل الطائرات والسيارات والمراكب ونحوها فإنه يسير بسيرها بخلاف ما يكون فوق سطوحها فإنه لا يكون تابعاً لها ولا يسير بسيرها كما هو معلوم عند كل عاقل. وما على وجه الأرض من الهواء شبيه بما على ظهور الطائرات من الهواء فكما أن ما على ظهور الطائرات من الهواء لا يتبعها ولا يسير بسيرها فكذلك ما على ظهر الأرض من الهواء لا يكون تابعاً لها والله أعلم.
وأيضاً فلو كان الهواء تابعاً للأرض وسائراً بالسرعة الهائلة التي زعموها في سير الأرض كما ذكرنا قولهم في ذلك قريباً فإنه لا يستطيع الطير ولا الطائرات أن تسبح فيه وتذهب شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ثم ترجع إلى مواضعها من الأرض. ولما كان الطير يطير إلى حيث شاء من الجهات ثم يرجع إلى موضعه الذي طار منه وكانت الطائرات تسير على خطوط مستقيمة شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ثم ترجع إلى المواضع التي طارت منها دل ذلك على أن الهواء ساكن لا يسير ولا يتحرك إلا أن تحركه ريح تهب فيه.