الوجه الخامس أن يقال إذا كان الملايين من الناس يعتقدون صحة ما قاله أهل الهيئة الجديدة في استقرار الشمس ودوران الأرض عليها فهل يكون اعتقادهم ذلك دليلا على صحته في نفس الأمر حتى يتعين الأخذ به وتلغى لأجل ذلك النصوص الدالة على خلاف ما يعتقدون ويلغي أيضاً إجماع المسلمين على خلاف قولهم. كلا. بل الأخذ بالنصوص وإجماع المسلمين هو المتعين وما خالف ذلك فمضروب به عرض الحائط:
لا عبرة بمخالف لهمُ ولو ... كانوا عديد الشاء والبعران
وقد كان الجهمية وغيرهم من أهل البدع يعتقدون صحة ما ذهبوا إليه من البدع ولم يكن اعتقادهم ذلك دليلا على صحة مذاهبهم في نفس الأمر.
وهكذا أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم فإن قولهم في استقرار الشمس ودوران الأرض عليها قول باطل واعتقاد مخالف لاعتقاد أهل السنة والجماعة فلا يعول عليه بل يرد على قائليه.
الوجه السادس أن يقال ما أكثر المعارضين لأهل الهيئة الجديدة ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من العصريين وعلى هذا فقول الصواف إن مثل هذه الأمور أصبحت عندهم من المسلمات العلمية التي لا يجادل فيها اثنان إن أراد أنه لا يجادل فيها أحد من علماء المسلمين فهو كذب واضح لأن كل متمسك بالكتاب والسنة يخالفهم فيما زعموه من استقرار الشمس ودوران الأرض عليها.
وقد ذكرنا إجماع المسلمين على وقوف الأرض وسكونها وإجماع أهل الكتاب على ذلك أيضاً.
وإن أراد أنه لا يجادل فيها أحد من المقلدين لأهل الهيئة الجديدة والمتمسكين بآرائهم وتخرصاتهم فو محتمل ولكن لا عبرة بهؤلاء ولا يعتد بأقوالهم في شيء من المسائل العلمية.
وأيضاً فهؤلاء المخدوعون بزخارف أعداء الله تعالى محجوجون بنصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على خلاف ما ذهبوا إليه كما تقدم إيضاحه.
وكل قول خالف نصاً أو إجماعاً فمضروب به عرض الحائط ومردود على قائله كائناً من كان وقد قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع