ومن هنا ترى تأكيدهم أن الأرض تدور لا معنى له لأنه لا يوجد ما يثبته بالتجربة.
ثم قال محمد فريد وجدي بعد هذا. وأننا نرى من تضارب هذه الأفكار بين أكبر علماء الأرض أن أمر دوران الأرض غير حاصل على ما يجعله من العلوم البديهية فإن مثل العلامة «بوانكاريه» لم يكن يتجاسر على مثل هذا القول وهو أكبر رياضي فرنسي اليوم إن لم نقل أكبر رياضي فلكي في العالم إذ لم يكن على ثقة تامة مما يقول وعلى بينة مما يرمي إليه. ولو كان المعلمون في أثناء تدريسهم للعلوم الطبيعية يسلكون مسلك العلماء في الإقرار بالجهل فيورون تلامذتهم وجه الضعف في المعلومات الطبيعية لأدوا لتلامذتهم أكبر خدمة لأنهم بهذا يعودونهم على الأدب النفسي فتنشأ نفوسهم معتادة على التواضع أمام فخامة الكون وجلالته والسجود أما مبدعه ومصوره. ولكن أكثرهم يدرسون لهم العلوم المشكوك فيها والفروض الطبيعية الظنية بصفة حقائق ثابتة فيتذرع بها أولئك التلامذة الأغرار متى كبروا إلى الإلحاد ونفي الروح والخلود ولا يدرون أنهم يتمسكون بالظنون وأن الظن لا يغني من الحق شيئاً انتهى.
وقال الشيخ محمد الحامد خطيب جامع السلطان بحماة في كتابه المسمى «ردود على أباطيل, وتمحيصات لحقائق دينية» تحت عنوان «موقف المسلمين من النظريات العلمية» ما نصه:
كان الفلكيون القدماء قائلين بثبات الأرض واستقرارها وجريان الشمس حولها ثم طلع بعض الفلكيين بنظرية دوران الأرض وثبات الشمس وقد راجت هذه الفكرة رواجاً عظيماً واعتقدها كثير من الناس حقيقة لا ريب فيها ثم تسرب الشك فيها إلى بعض العقول بل تجددت فكرة الرجوع إلى القول الأول قطعاً عند بعض الفلكيين الجدد. ثم نقل ما ذكر محمد فريد وجدي عن المسيو «درومون» وعن المسيوبو انكاريه» وتقدم ذكره قريبا ثم قال وقد صدر سنة ١٩٢٦ ميلادية كتاب بالفرنسية اسمه «الأرض لا تدور» تأليف ب رايوفيتش. ذكر فيه براهين علمية على ثبات الأرض وختمه بقوله فيبرهن ذلك على أن الشمس تدور حول الأرض وكذا القمر يدور حولها وعلى عدم حركة الأرض انتهى.
ثم قال محمد الحامد. من هذا كله يتضح أن فكرة دوران الأرض ليست متفقاً عليها.