قال القرافي في قواعده: كان الشيخ يستشكل هذا المقام ويعظم الإشكال فيه، ونقل هذا الإشكال الزركشي وغيره، ولم يجيبوا عنه، ويمكن أن يجاب عنه بأن الوالد وردت الشريعة بتعظيمه, بل ورد شرع غيرنا بالسجود للوالد كما في قوله تعالى:(وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) يوسف/١٠٠، بناء على أن المراد بالسجود ظاهره، وهو وضع الجبهة على الأرض كما مشى عليه جمع.
وأجابوا عنه بأنه كان شرعا لمن قبلنا, ومشى آخرون على أن المراد به الانحناء, وعلى كل فهذا الجنس قد ثبت للوالد ولو في زمن من الأزمان أو شريعة من الشرائع, فكان شبهة دارئة للكفر عن فاعله بخلاف السجود لنحو الصنم أو الشمس فإنه لم يرد هو ولا ما شابهه في التعظيم في شريعة من الشرائع, فلم يكن لفاعل ذلك شبهة لا ضعيفة ولا قوية فكان كافراً، ولا نظر لقصده التقرب فيما لم ترد الشريعة بتعظيمه بخلاف من وردت بتعظيمه, فاندفع الإشكال واتضح الجواب عنه كما لا يخفى.
وفي المواقف وشرحها: من صدّق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك سجد للشمس كان غير مؤمن بالإجماع؛ لأن سجوده لها يدل بظاهره على أنه ليس بمصدق ونحن نحكم بالظاهر, فلذلك حكمنا بعدم إيمانه؛ لأن عدم السجود لغير الله تعالى داخل في حقيقة الإيمان حتى لو علم أنه لم يسجد لها على سبيل التعظيم واعتقاد الإلهية، بل سجد لها وقلبه مطمئن بالتصديق لم يحكم بكفره فيما بينه وبين الله تعالى, وإن أُجري عليه حكم الكافر في الظاهر. انتهى.