سمَّى المؤلف هذا النوع من العلم بـ «وجوه الترجيح»(١)، وسبق أن أشار إلى تسميات أخرى، وهي «القواعد العلمية»، وسمَّاها أيضاً «موجبات الترجيح»، حيث قال في أول هذه المقدمة:(وهذا الذي «ارتكبت» من الترجيح والتصحيح مبني على القواعد العلمية، أو ما تقتضي اللغة العربية، وسنذكر بعد هذا باباً في موجبات الترجيح بين الأقوال).
ويمكن أن نضيف لها مصطلحاً رابعاً، وهو «قرائن الترجيح».
ولا شك أن أقوى هذه المصطلحات في التعبير هو «قواعد الترجيح»، وهذه القواعد مصدرها الاستقراء، بحيث يستقرئ الباحث مجموع الأمثلة، ثم يستنبط منها قاعدة، واستنباط هذه القواعد عقليٌّ.
ومن ثَمَّ، فإنه قد يقع في القواعد تنازع في الأمثلة فيكون المثال صالحاً لإعمال أكثر من قاعدة، ومثاله عندنا قاعدة «عود الضمير إلى أقرب مذكور»، وقاعدة «ترتيب الضمائر أولى من تفكيكها»، أي: إن عود الضمائر إلى مذكور واحد أولى من تفكيكها، ومثال ذلك:
في قوله سبحانه وتعالى:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}[الفتح: ٩] اتفق المفسرون على أن الضمير في
(١) يمكن الاستفادة في وجوه الترجيح من كتاب الدكتور حسين الحربي: «قواعد الترجيح عند المفسرين»، وكتاب الدكتور خالد السبت «قواعد التفسير»، وهذه الكتب مفيدة للغاية في هذه الموضوعات التي هي من أهمِّ أصول التفسير.