في فهم كلام أرسطو، فالذي يُقبل ـ عقلاً ـ قول التلميذ؛ لأنه أوثق بشيخه وأعرف بمقاصده وأعرف بأساليبه، كذلك القرآن لما كان نازلاً بلغة الصحابة وعندهم من مشاهدات الأحوال ما ليس عند غيرهم فقولهم لا شك أنه أصوب مِنْ قولِ مَنْ جاء بعدهم.
قوله:(والطبقة الثانية: التابعون، وأحسنهم كلاماً في التفسير الحسن بن أبي الحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومجاهد مولى ابن عباس، وعلقمة صاحب عبد الله بن مسعود، ويتلوهم عكرمة، وقتادة، والسدي، والضحاك بن مزاحم، وأبو صالح، وأبو العالية).
لما ذكر الطبقة الأولى «الصحابة» أتبعها بالطبقة الثانية «التابعين»، والمشهور أن المقدم في التفسير مجاهد (ت١٠٤هـ)، بيد أن المؤلف قدَّم الحسن بن الحسن البصري (ت١١٠هـ)، لذا قال عنه سفيان الثوري (ت١٦١هـ): «إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به»(١)، ثم سعيد بن جبير (ت٩٥هـ)، وإن كان قد انشغل ببعض القضايا التي نتج عنها قتله، فلم يُسْتَفَدْ منه كثيراً بخلاف مجاهد الذي كان متفرغاً للتعليم أكثر منهم، أما علقمة (ت٦٢هـ) صاحب ابن مسعود (ت٣٢هـ) فالتفسير المروي عنه قليل، وبعض تفسيره مأخوذ من تفسير شيخه، ويظهر أن سبب ذلك راجع إلى أسلوب التعليم أو التلقي عند أصحاب ابن مسعود، فكان رضي الله عنه يشدد على أصحابه فيقول لهم:«اتبعوا ولا تبتدعوا»، ولهذا قلَّ المفسرون من أصحاب ابن مسعود، وغلب عليهم نقل تفسيره، بخلاف أصحاب ابن عباس، فإنهم كثيرون، كما أنهم يقولون بأقوال تخالف قول شيخهم، وهي من باب اختلاف التنوع، لكنها لا تناقض قوله.
قوله:(يتلوهم عكرمة، وقتادة، والسدي، والضحاك بن مزاحم، وأبو صالح، وأبو العالية).