للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فارجموهما ألبتة» فقال: إن جملة «الشيخ والشيخة» فيها ركاكة في اللفظ، وفيها ثقل.

وأقول: إن اختيار «الشيخ والشيخة» فيه بلاغة كما في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «وأشيمط زان» (١)، فإذا كان الزنا يقع من الشيخ والشيخة في مثل هذا الوقت فهو شنيع، وإذا كان يعاقبان فمن باب أولى أن يعاقب غيرهما من الشباب، فاختيار هذا اللفظ فيه تشنيع على من يفعل هذا الفعل إذا كان يفعله في الكِبَرِ، فمن باب أولى من يفعله في الصغر.

الآيات التي وقع فيها النسخ كثيرة، وفيها اختلاف بين العلماء منذ بدأت الكتابة في الناسخ والمنسوخ، ولكن الآيات التي نسخت نسخاً كليّاً قليلة جداً، وليست كما يَزعم أنها أكثر من مئتي آية.

ومن الآيات المنسوخة آية الصدقة في سورة المجادلة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: ١٢، ١٣].

وقد حكى الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد الأمين الإجماع على وقوع النسخ في هذه الآية (٢).

أما ما يتعلق بالآية التي أوردها المؤلف عندما قال: «ونقدم منها ما جاء من نسخ مسالمة الكفار والعفو عنهم والإعراض والصبر على أذاهم بالأمر بقتالهم»، فإن الأمر بقتال الكفار لا يلزم أن يكون منازعاً للآيات الأخرى، وإنما هي مرتبطة بالأحوال، وكذلك الكثير من الآيات التي


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الصغير من حديث: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ـ وذكر منهم ـ أشيمط زانٍ» ٢/ ٢٠، وأخرجه مسلم بلفظ: «شيخ زان»، في كتاب الإيمان، ورقم الحديث (١٠٧).
(٢) الآيات المنسوخة في القرآن الكريم ص٨٧.

<<  <   >  >>