لقد فُقد رحمه الله وهو يشحذ هِمم الناس، ويحرِّضهم ويثبِّت بصائرهم، وكان هذا هو آخر العهد به، لقد حفظ لنا صاحب «نيل الابتهاج» نصّاً تاريخياً هامّاً يتعلق باستشهاد ابن جزي نقله عن فهرسة الحضرمي ـ أحد تلاميذ ابن جزي ـ جاء فيه: قال الفقيه المحدث الوزير أبو بكر بن ذي الوزارتين ابن الحكيم: (أنشدني ـ يقصد ابن جزي ـ يوم الوقيعة من آخر شعره قوله:
قصدي مؤمل في جهري وإسراري ... ومطلبي من إلهي الواحد الباري
شهادةٌ في سبيلِ اللهِ خالصةٌ ... تمحو ذنوبي وتُنجيني من النار
إن المعاصي رجسٌ لا يُطَهِّرُها ... إلا الصَّوارمُ في أيْمانِ كُفَّارِ
ثم قال: (في هذا اليوم أرجو أن يعطيني الله ما سألته في هذه الأبيات، وهكذا صدق الله ابن جزي، فصدقه وانتقل إلى جوار ربه بموكب الشهداء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأكرمهم وآواهم، وفي هذه المعركة استشهد العديد من علماء الأندلس وأعيانهم، كما استشهد العديد من علماء المغرب وأعيانه) (١).
هذا موجزٌ نكتفي به فيما يتعلق بحياة ابن جزي، ومن أراد المزيد في كتب ابن جزي وعلمه وطريقته في العلم وشيوخه وتلاميذه، فيمكنه مراجعة كتاب الزبيري.
(١) ابن جزي ومنهجه في التفسير، لعلي الزبيري، ص١٦٩، ١٧٠.