للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلاقة، فقال: «القسم السادس: ذكر الناسخ والمنسوخ في الأحكام:

فأول ذلك معرفة السور المكية والمدنية ليعرف أن ما فيها من الأمر والأحكام نزل بمكة أو بالمدينة، فإذا اختلف كان الذي نزل بالمدينة هو الناسخ؛ لأنه الآخِر في النُّزول» (١).

وقال النحاس (ت٣٣٨هـ) في كتابه الناسخ والمنسوخ: «وإنما نذكر ما نزل بمكة والمدينة؛ لأن فيها أعظم الفائدة في الناسخ والمنسوخ؛ لأن الآية إذا كانت مكية، وكان فيها حكم، وكان في غيرها مما نزل بالمدينة حكم غيره = عُلِمَ أن المدنية نسخت المكية» (٢).

وقال مكي بن أبي طالب القيسي (ت٤٣٧هـ) في كتابه إيضاح الناسخ والمنسوخ: «ويجب أن تعلم المكي من السور من المدني، فذلك مما يقوي ويفهم معرفة الناسخ والمنسوخ» (٣).

ومن آثار السلف الدالة على بناء النسخ على المكي والمدني ما رواه القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير قال: «قلت لابن عباس: ألِمَنْ قتل مؤمناً متعمداً من توبة؟ قال: لا.

قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الفرقان: ٦٨] إلى آخر الآية.

قال: هذه آية مكية نسختها آية مدنية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا} [النساء: ٩٣]» (٤).


(١) فهم القرآن (مطبوع مع كتاب العقل للحارث المحاسبي)، تحقيق القُوَّتْلي (ص٣٩٤).
(٢) الناسخ والمنسوخ للنحاس، تحقيق: د. سليمان اللاحم (٢:٦١١).
(٣) إيضاح ناسخ القرآن ومنسوخة، لمكي بن أبي طالب، تحقيق: د. أحمد حسن فرحات (ص١١٣ - ١١٤).
(٤) أخرجه مسلم رقم (٣٠٢٣)، وللعلماء في توبة القاتل خلاف معروف، لكن المراد هنا المثال.

<<  <   >  >>