العثماني لم يقصدوا دائماً استيعاب مرسوم القراءات، ففي أحيانٍ ينشرون اختلاف القراءات في المصاحف كقراءة (وصَّى، وأوصى)، (تجري تحتها، تجري من تحتها)، وفي أحيانٍ أخرى يكتفون برسم واحدٍ فقط، كالأمثلة السابقة (الصراط، بضنين، لأهب).
كما يلاحظ أمر مهم للغاية، وهو أنَّ رسم الكلام في وقت الصحابة كان مجرَّداً من النقط والشكل والضبط، وهذه إنما حدثت بعدهم، فمن يمثل في مسألة كتابتهم بأنهم رسموا في مصحف (فتبينوا) وفي آخر (فتثبتوا) أو في مصحف (ننشرها)، وفي آخر (ننشزها) = فقد أوهم، وغفل عن هذه الحقيقة، وهذا المثال لا يصلح لما ذهب إليه، والله أعلم.
الثانية: أن لمفهوم الأحرف السبعة أثراً في فهم عمل هذه اللجنة:
إن مفهوم الأحرف السبعة له أثر في فهم كيف تمَّ رسم المصحف في عمل الصحابة، فإن جعلت اختلاف الصوتيات الكائن في القراءة من إظهار وإدغام، وفتح وإمالة وروم وإشمام، وما إلى ذلك من الأحرف السبعة، فإنك ستحكم قطعاً بأن شيئاً من الأحرف السبعة لا يمكن كتابته؛ لأنَّ ذلك إنما يتمُّ بالضبط، حيث يصطلح العلماء على الإشارة إلى الإدغام والإمالة والروم والإشمام، وهذا سيكون خارجاً عن رسم المصحف.
وإذا جعلت هذا الاختلاف خارجاً عن مفهوم الأحرف السبعة فإنك يحسن أن تلاحظ أنَّ أي اختلاف يخرج عن الاختلاف في الرسم فلن يكون من الأحرف السبعة إذا أنت قلت: إنه كتب على الأحرف السبعة، أو لم يكتب على الأحرف السبعة، والمقصود: أن الأحرف السبعة لا تؤخذ من رسم المصحف فقط، والله أعلم.
٥ - إلزام الناس بما نُسِخ من مصحف أبي بكر، وأمرهم بتحريق مصاحفهم:
«وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق».