للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان أول مبتدأ أمرهم بالمغرب، ثم ابتدأوا يزحفون نحو مصر (١) يساعدهم في ذلك التمزق الشديد في الدولة العباسية التي خرج عليها بنو طاهر في المشرق، والسلجوقيون، والخوارزميون، وكذلك الأمويون في المغرب الأقصى-أعني-الأندلسيين، بجانب ذلك استقلت الدويلات، وأعلن المرابطون عصيانهم ضد الدولة العباسية.

إن هذه الفترة هي أسوأ الفترات التي مرت على مصر، وما حولها من البلدان الإسلامية، لأن الفاطميين لم يكونوا مسلمين حقا، فقد قال أبو بكر النابلسي للمعز: إنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الإلهية وادعيتم ما ليس لكم (٢).

وفي الفترة التي عاش فيها شيخنا الإمام الحَوفي كان اتجاه الفاطميين أسوأ اتجاهات الشيعة في ذلك الوقت، فقد خرجوا على الناس باعتقاد جديد، واتخذوا الإسماعيلية مذهبا لهم، والإسماعيلية في حقيقة الأمر، هم الباطنية الذين يعتقدون أن لكل ظاهر باطنا، ولكل تنزيل تأويلا، ولهم ألقاب كثيرة، سوى هذا جرت على لسان كل قوم، فبالعراق، يسمون الباطنية، والقرامطة، والمزدكية، ونجراسات التعليمية، والملحدة، ثم إن الباطنية القديمة، قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة، وصنفوا كتبهم على ذلك المنهاج فقالوا في الباري تعالى: إنما لا نقول هو موجود ولا موجود ولا عالم


(١) الذهبي، دول الإسلام، ت: فهيم محمد شلتوت ومحمد مصطفى إبراهيم، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب،١٩٧٤ م)،
١/ ٢٢٣.ابن كثير، مرجع سابق، ١١/ ٢٨٤.
(٢) ابن كثير، مرجع سابق، ١١/ ٢٨٤. قلت: لا أحد يستطيع أن يطفئ نور الله لورود النص بذلك، ولعل أبا بكر النابلسي- رحمه الله- حكم على الغالب، والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>