للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن بديل، وراحوا إلى الشام فأوى بعضهم إلى منطقة جبلية (١).

لقد خرج الفاطميون على الناس بمذهب جديد يقوم على تقديس الأشخاص.

وفي سنة إحدى وأربعمائة (٢)، هلك الحاكم بأمر الله-منصور بن العزيز بن المعز العبيدي الإسماعيلي، وأُعدم في شِوال بالجبل المقطم، وله ست وثلاثون سنة، فقد جهزت (٣) أخته-ستُ الملك على مَن قتله غيلة، فظفر به.

ثم جاء ابنه الظاهر لدين الله فكان أسوأ من أبيه (٤)، بل إنه هادن النصارى، فأذن للنصارى بفعل ما منعهم منه أسلافه (٥).

ولكن هذه الدولة كانت تسير نحو نهايتها، فقد كان الشعب المصري المسلم يكرههم، إلى جانب التفرق الذي دب بينهم، فما أن مات الظاهر بأمر الله حتى أصبح ابنه المستنصر بالله خليفة له، لا يستطيع أن يدير الأمور بل صار ألعوبة بيد الوزراء يفعلون ما يشاؤون حتى عمت الاضطرابات، والفوضى، سنة سبع وعشرين وأربعمائة-أي قبل وفاة شيخنا بثلاثة أعوام. وحكم المستنصر بالله، ستين سنة لم يَجِدَّ فيها يوم دون اضطرابات، أو فوضى. وظلت الفوضى تعم البلاد التي يحكمونها حتى آخر واحد فيهم، وهو العاضد لدين الله، ولم تهدأ الاضطرابات حتى خلع المتظاهرون هذا العاضد، سنة سبع وستين وخمسمائة، ثم انقلب الحكم بعد ذلك إلى الدولة الأيوبية.


(١) شلبي، مرجع سابق، ٥/ ١٤٨.
(٢) ابن العماد، أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العَكري الحنبلي، (ت: ١٠٨٩ هـ)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ت: محمود الأرناؤوط وخرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، ط ١، (دمشق: بيروت: دار ابن كثير،١٤٠٦ هـ- ١٩٨٦ م) ٣/ ١٩٣.
(٣) الذهبي، العبر في خبر من غبر، مرجع سابق، ٢/ ٢١٩. وجهزت القوم تجهيزا إذا تكلفت لهم بجهازهم للسفر. ابن منظور، لسان العرب، ٥/ ٣٢٥.
(٤) ابن العماد، مرجع سابق، ٣/ ١٥٠.
(٥) حسن، مرجع سابق، ٣/ ٤٨٠.

<<  <   >  >>