وعلى ما قرره العلماء واتفقوا عليه من الشروط الواجب توافرها فيمن يتصدى لتفسير كلام الله -عز وجل- وعلى ما سوف تكشفه لنا الدراسة بإذن الله تعالى أقول: بأن الإمام الحوفي التزم هذا المنهج في كتابه، فجاء كتابه متكاملا من تلك الجوانب، مستوفيا تلك الشروط، جامعا بين مناهج التفسير المتعددة، فلقد جمع بين منهج التفسير اللغوي، مقتفيا آثار أئمته ابن عباس، وأبي عبيد، والفراء، والزجاج، والنحاس. وبين منهج التفسير النقلي مقتفيا آثار أئمته- عبد الرحمن بن زيد، وابن جرير الطبري، وبين منهج المتكلمين، وبين منهج التفسير الفقهي، مقتفيا آثار أئمته-مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وسفيان الثوري، والأوزاعي.
وليس جمعه بين المناهج المتعددة تكرارا لعمل السلف، بل لم يسبقه أحد من السلف بهذا التأليف الجامع المستلْهمِ للتراث السابقِ عليه، المستوعبِ لدقائق ما جاء من مناهجهم، وهذا شأن العلماء أن يستلوا من التراث بعد أن يستوعبوه، ويتخيروا منه ما شاء الله، ثم يضيفوا إليه ما يوحي به إخلاصهم، وتأملهم، وإلهامهم.
ولما كانت طبيعة البحث تقتضي بيان منهجه في كتابه، رأيت أن أعرض منهجه مجملا، لأنه قد سبقني عدد من الباحثين ففصلوا في منهجه تفصيلا.