للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}:قال: {نَجِيًّا}: نصب على الحال, وهو واحد يؤدي عن جميع, وجمعه أنجية وينشد:

إِني إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ ... واخْتلف القولُ اختلاف الأَرْشِيَهْ

هُنَاكَ أَوْصِينِي وَلَا تُوصِي بِيَهْ

يقال: نَجَوْتُ الرَّجُلَ أَنْجُوه نَجِيًّا, جعل صفة، ومنه قوله تعالى: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} ويقال للجماعة نجوى، وهم يتناجون تناجياً, وقال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ} ويقال نجوت أنجو نجوى وأصل النجو الارتفاع من الأرض, فالمناجاة مثل المسارة (١). {خَلَصُوا نَجِيًّا} أي خلا بعضهم لبعض يتناجون ولا يختلط بهم غيرهم, والنَّجِيُّ: يكون واحدا، وجماعة، لأنه مصدر وكونه للجماعة: قوله تعالى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى}، {مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ} والواحد {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} فهي في هذه المناجاة نفسها ومنه قول الشاعر:

وأحب نجوى الرجال فَـ ... كُنْ عِنْدَ سرّكَ حبَّ النَّجِيّ

والنجوى و"النجي" في هذا بمعنى واحد، وهي المناجاة (٢).

ثم يقول الحوفي في تفسير سورة المجادلة: "النجوى" ما ينفرد به الجماعة أو الاثنان سرا كان أو ظاهرا، وبمعنى نجوت الشيء في اللغة: خلصته وألقيته، يقال: نجوت الجلد إذا ألقيته عن البعير. قال الشاعر:

فقلتُ انجوا عنها نجا الجلد إنه ... سيرضيكما منها سَنام وغاربُهْ (٣)


(١) الأندونيسي، مرجع سابق، ص ٢٨٤.
(٢) ينظر قسم التحقيق، ص ٢٨٧.
(٣) الأندونيسي، مرجع سابق، ٤٣٨ - ٤٤٠.

<<  <   >  >>