للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لا يكتفي الإمام الحَوفي بإعراب الآية بل إنه كثيرا ما يذكر الآراء في المسألة النحوية الواحدة ثم يرجح ما يراه راجحاً وهذا يؤكد حرية فكره، وإن كان يرجح رأي سيبويه في هذه المسألة فهو مع الحق أينما دار، ومن الأدلة على ذلك: قوله في فاعل "بدا" في قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ} فيقول: واختلف في فاعل {بَدَا} فذهب سيبويه إلى أن الفاعل: ما دل عليه {ليَسجُننّه} أي: ظهر لهم أن يسجنوه, وقال المبرد: "الفاعل مضمر دل عليه بدا بتقديره بدا لهم بداء (١) " وقيل: الفاعل رأي: أي بدا لهم رأيٌ لم يكونوا يعرفونه وحذف لدلالة الكلام عليه , والوجه ما قال سيبويه لأنا إذا وجدنا الظاهر لم يقدر محذوف, وكان هذا الظاهر الذي هو {لَيَسْجُنُنَّهُ} لما قام مقام الفاعل ودلّ عليه كأنه هو الفاعل, وأما قول المبرد فإن الفعل لا يدل من لفظه على الفاعل إنما يطلبه (٢).

٢ - منهجه في شرح المفردات، وبيان معاني الكلمات الغريبة، ومسائل الإعلال والإبدال، واللهجات، والبلاغة:

مثال شرح المفردات، وبيان معاني الكلمات الغريبة:

إن الإمام الحَوفي يكثر من التفصيل في مفردات المادة وإرجاعها إلى أصلها ثم بيان أصل اشتقاقها ويذكر المناسبة بين المادة والكلمة التي يفسرها.

فيقول في تفسير النجوىَ (٣) في قوله تعالى: {خَلَصُوا نَجِيًّا}: أي خلا بعضهم لبعض يتناجون ولا يختلط بهم غيرهم, و"النجي" يكون واحدا وجماعة لأنه مصدر وكونه للجماعة قوله تعالى: {وَإِذْ


(١) ينظر قسم التحقيق، ص ١٩٨.
(٢) ينظر قسم التحقيق، ص ١٩٨.
(٣) ينظر قسم التحقيق، ص ٢٨٦.

<<  <   >  >>