وينصره نصراً مؤزراً، وكأمية بن أبي الصلت، الذي كان عازماً على الدخول في دعوته والانضواء تحت رايته لولا أن وقعت غزوة بدر، وسقط بعض أقاربه قتلى بسيوف المسلمين؟ ترى لم سكتوا فلم يقولوا: إن محمداً إنما تعلّم منا واستوحى قرآنه من كلامنا؟ ولِمَ سكت كذلك أولاد من مات منهم قبل البعثة وأقاربهم كما هو الأمر في حالة زيد بن عمرو بن نُفَيْل، الذي كان ابنه سعيد من أوائل من لَبَّوْا دعوة الرسول ثم تبعه ابن عمه وصهره عمر بن الخطاب؟
ولقد توفرت لأمية كل الدواعي لفضح محمد لو كان الرسول عليه السلام قد استمد قرآنه منه ومن أمثاله. فقد رثى هَلْكَى قريش في غزوة بدر بقصيدة حاثية بلغت الغاية في التفجع عليهم والتحريض على الإسلام والمسلمي. وهذه القصيدة موجودة في ديوانه وفي كتب السيرة والتاريخ والأدب، ومع ذلك تقرؤها من أولها إلى آخرها فلا تجد فيها كلمة واحدة تتّهم محمداً بشيء. كذلك كان هناك أبو عامر الراهب، الذي كان الغِلّ يلتهم قلبه والذي كان يتصل بالبيزنطيين في الشام يستعين بهم على حربه - صلى الله عليه وسلم - وكان له بين سكان المدينة عيون وأنصار، ومع ذلك كله لم يحدث أن قتح فمه بكلمة تتهمه عليه السلام بالأخذ من الحنفاء حتى ولا لابنه حنظلة، الذي تمرد عليه وانحاز إلى الرسول عليه الصلاة والسلام