وحكمه حكم المؤمن العاصي فأما التوبة من كل الذنوب فهي التوبة النصوح
الثالث إذا تذكر المذنب ذنبه فهل يجب عليه تجديد الندم أو لا قولان للقاضي وإمام الحرمين قائلا يكفيه أن لا يبتهج ولا يفرح عند تذكره
الرابع من تاب ثم عاود فهل تكون عودته نقصاً أم لا قولان للقاضي مع ابن العربي وإمام الحرمين قائلاً توبته الأولى صحيحة وهذه معصية أخرى واختاره المتأخرون
الخامس هل توبة الكافر نفس إسلامه أم لا بد من الندم على الكفر فأوجبه الإمام وقال غيره إيمانه لأن كفره ممحو بإيمانه وإقلاعه عنه قال تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}
السادس الذنب الذي يتاب منه إن كان حقاً لله فيكفي فيه الندم والاقلاع ويشرع في قضاء الفوائت كالصلاة والصيام وشبه ذلك وإن كان حقا لآدمي وجب عليه رده إن كان مالاً والتحلل منه إن كان عرضاً فإن لم يجده ولا وجد أحداً من ورثته فإنه يستغفر الله ويتصدق عليه وإن كان نفساً وجب عليه تسليم نفسه للاولياء إن أمكن ذلك فإن لم يفعل مع الإمكان فمذهب الجمهور صحتها وهذه معصية أخرى ويجب عليه أن يتوب منها وقيل لا تصح وهو مرجوح
وحَاصِلُ التَّقْوَى اجتِنابٌ وَامْتَثاَلْ
في ظاهِرٍ وَباطِنٍ بِذَا تُنالْ
فَجَاءَتِ الأَقْسامُ حقّاً أَرْبَعَةْ
وَهِيَ لِلسَّالِكِ سُبْلُ المَنْفَعَةْ
أخبر أن حاصل التقوى ومدارها المأمور بها في غير ما آية هي اجتناب أي للمنهيات في الظاهر والباطن وامتثال أي للمأمورات في الظاهر أيضا والباطن وبذلك الاجتناب والامتثال تنال التقوى وتدرك وإذا كان كذلك فأقسامها أربعة: اجتناب وامتثال في الظاهر فهذان قسمان اجتناب وامتثال في الباطن فهذان قسمان آخران ففي ظاهر وباطن يتنازع فيه اجتناب وامتثال وأن التقوى للسالك طريق إلى المنفعة أي الأخروية وسبل بضم السين وسكون الباء تخفيفاً عن ضم جمع سبيل وهو الطريق وأعلم أن التقوى في عرف الشرع هي وقاية الإنسان نفسه عما يضره في الآخرة قال البيضاوي والمتقي اسم فاعل من قوله وقاه فاتقى والوقاية فرط الصيانة ولها ثلاث مراتب
الأولى التوقي من العذاب المخلد بالتبري عن الشرك وعليه قوله تعالى {ألزمهم كلمة التقوى}
والثانية التجنب عن كل ما فيه إثم من فعل أو ترك حتى الصغائر عند قوم وهو المتعارف باسم التقوى في الشرع وهو المعنى بقوله {تعالى}