إلقاء المصحف في القاذورات وتضميخ الكعبة بالعذرة فهذا من الكبائر ولم ينص عليها الشارع انتهى
وقد كنت لفقت في نقل تقي الدين هذا أبياتاً لتكمل الفائدة بضمنها لنظم السيوطي المذكور آنفاً وهي قولنا:
ولتقي الدين عن بعض نظر
فيما نشا عن بعض ما منها ذكر
من المفاسد مع الذي نشا
عن غيرها من مغفل مما تشاء
فإن تساويا أو أربى الآخر
فهي كبيرة وقس ما يذكر
ثم قال تقي الدين بعد كلام ولابد مع هذا من أمرين
أحدهما أن المفسدة لا تؤخذ مجردة عما يقترن بها من أمر آخر فقد يقع الغلط في ذلك ألا ترى أن السابق إلى الذهن أن مفسدة الخمر السكر هو تشويش العقل فإن أخذ هذا بمجرده لزمه منه أن لا يكون شرب القطرة الواحدة كبيرة لخلائها عن المفسدة المذكورة مع أنها كبيرة وإن خلت عن المفسدة المذكورة لأنها تقترن بها مفسدة التجرؤ على شرب الخمر الكثير الموقع في المفسدة فهذا الاقتران يصيرها كبيرة
الثاني إذا سلكنا هذا المسلك فقد تكون مفسدة بعض الوسائل إلى بعض الكبائر مساوية لبعض الكبائر أو زائدة عليها فامساك امرأة محصنة لمن يزني بها أو مسلماً معصوما لمن يقتله كبيرة أعظم مفسدة من أكل مال اليتيم المنصوص على كونه من الكبائر وكذلك لو دل على عورة من عورات المسلمين تقضي إلى قتلهم وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم كان ذلك أعظم من الفرار من الزحف المنصوص على كونه منها وكذلك تفعل على القول بأن ما رتب عليه لعن أو وعيد فهو كبيرة متعتبر المفسدة بالنسبة إلى ما رتب عليه شيء من ذلك فما ساوى أقلها فهي كبيرة وما نقص فليس بكبيرة اهـ
فلا بد من ذكر فروع
الأول إذا وقعت التوبة بشروطها فهل تقبل قطعا أو ظناً فمذهب القاضي أنه لا يقطع بها ومذهب الشيخ أبي الحسن القطع بها والخلاف إنما هو في توبة المؤمن العاصي وأما توبة الكافر من كفره وهي إسلامه فالإجماع على أنها مقبولة قطعاً لقوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وفي القطع بقبول توبته فتح لباب الإيمان وسوق إليه في عدم القطع بقبول توبة المؤمن وبقائه بين الرجاء والخوف، سد لباب العصيان ومنع منه
الثاني واختلف هل تصح التوبة من بعض الذنوب أم لا فذهبت المعتزلة إلى أن ذلك لا يصح ولا خلاف بين أهل في صحتها وهي طاعة من الطاعات ويطلب بالتوبة فيما بقي وعلى هذا إذا أسلم الكافر فيصح إسلامه وإن كان يزني ويسرق