خبر الواحد، وبقوله:(يمتنع تواطئهم على الكذب) جمع لا يمتنع ذلك فيهم، وزاد بعضهم (بنفسه) ليخرج ما امتنع فيهم ذلك بالقرائن أو موافقة دليل عقلي أو غير ذلك، ولا يحتاج لذلك لأن المفيد للقطع هو مع القرائن، وقوله:(عن محسوس) يدل على أمرين:
أحدهما: أن يكون عن علم لا ظن.
والثاني: أن يكون علمهم مدركا بإحدى الحواس الخمس، هكذا ذكره الإمام فخر الدين والآمدي وأتباعهما/ (١١٨/أ/م) والذي ذهب إليه القاضي أبو بكر وغيره من المتقدمين – وتابعهم إمام الحرمين -: أن المعتبر أن يكون ذلك العلم ضروريا سواء كان عن حس أو قرينة أو خبر فلو أخبروا عن نظر لم يفد العلم، لتفاوت العقلاء في النظر، ولهذا يتصور الخلاف فيه إثباتا ونفيا.
والجمهور على أنه لا يشترط للمخبرين عدد، بل ضابط ذلك حصول العلم فمتى أفاد خبرهم العلم من غير قرينة انضمت إليه فهو متواتر وإلا فلا، ولا يكفي أن يكون عددهم أربعة لأنه لو اكتفى بذلك/ (٩٨/أ/د) لاستغني عن تزكية شهود الزنا، وبه قال القاضي أبو بكر فقال: أقطع بأن قول الأربعة لا يفيد، وأتوقف في الخمسة، وعزى المصنف عدم الاكتفاء بأربعة للشافعية، اعتمادا على قول ابن السمعاني: ذهب أكثر أصحاب الشافعي إلى أنه لا يجوز التواتر بأقل من خمسة فما زاد. وحكي عن الإصطخري: أنه يشترط أن يكون عددهم عشرة والذي في (القواطع) عنه: أنه لا يجوز أن يتواتر بأقل من عشرة، وإن جاز أن يتواتر بالعشرة فما زاد، لأن ما دونها جمع الآحاد فاختص بأخبار الآحاد، والعشرة فما زاد جمع الكثرة، وقيل: اثنا عشر، عدة النقباء الذين بعثهم موسى عليه السلام ليعلموه بأحوال بني إسرائيل.