قلت: الذي فهمته من هذه العبارة: أن المجتهد ينكف عن العمل في تلك المسألة بما يقتضيه المرسل لأنه غير حجة وبما يخالفه لاحتمال كونه حجة، وهذا معنى قوله:(لأجله).
وحاصله: أنه يحدث شبهة توجب التوقف في تلك المسألة، والله أعلم.
تنبيه:
قال الشارح: من تأمل نصوص الشافعي في (الرسالة) وجدها مصرحة بأنه لم يطلق أن المرسل حينئذ حجة، بل يسوغ الاحتجاج به ولهذا قال الشافعي بعد ذلك: ولا أستطيع أن أقول: الحجة تثبت به كثبوتها بالمتصل.
قال الشارح: فائدة ذلك أنه إذا عارضه متصل كان المتصل مقدما عليه، ولو كان حجة مطلقا لتعارض.
وقد قال القاضي: في (التقريب): قال الشافعي في هذه المواضع: أستحب قبوله ولا أستطيع أن أقول الحجة تثبت به كثبوتها بالمتصل.
قال: فقد نص على أن القبول القول عند هذه الأمور مستحب لا واجب، لكن قال البيهقي: مراده بقوله أحببنا: اخترنا، انتهى.
قلت: لا فرق بين كونه حجة وبين كونه يسوغ الاحتجاج به، فإنه لا يسوغ الاحتجاج إلا بما هو حجة، وقول الشافعي: لا أستطيع أن أقول: إن الحجة تثبت به كثبوتها بالمتصل) لا يدل على أنه ليس حجة، بل هو حجة لكن غيره أقوى منه فلو عارضه متصل أقوى منه قدم عليه.
وقول الشارح: لو كان حجة مطلقا لتعارضا ٠ مردود فإن الذي هو حجة مطلقا يقدم عليه معارضه إذا كان أقوى منه، والله أعلم.