للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ش: مَحَلُّ ترجيحِ أَحدِ الدَّلِيلينِ المتعَارضِينِ علَى الآخرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنُ الجمعُ بَيْنَهُمَا، فلو أَمْكَنَ ولو مِنْ وجهٍ صُيِّرَ إِلَيْهِ؛ لأَنَّ فِيهِ إِعمَالَهمَا وهو/ (٢٠٥/ب/م) أَولَى مِنَ الإِهمَالِ، كحديثِ ((أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ)) مَعَ قَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بإِهَابٍ ولاَ عَصَبٍ)) فيُحْمَلُ المَنْعُ علَى مَا قَبْلَ الدِّبَاغِ وَالإِبَاحةِ علَى مَا بعده، ولو كَانَ أَحدُ الدَّلِيلينِ المتعَارضِينِ سُنَّةٌ وَالآخرُ كتَابًا فَالحُكْمُ كذلك، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الكتَابُ لأَنَّهُ أَرجحُ، وَقِيلَ: السُّنَّةُ، لأَنَّهَا بيَانِ.

ومثَالُه قَوْلُه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فِي البحرِ: ((الحِلُّ مَيْتَتُهُ)) فإِنَّه عَامٌّ فِي مَيْتَةِ البَحْرِ حتَّى خنزيرِه مَعَ قَوْلِه تعَالَى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} فإِنَّهُ يتنَاوَلُ خنزيرَ البحرِ، فتعَارَضَ عمومُ الكتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي خنزيرِ البحرِ فقَدَّمَ بعضُهم الكتَابَ فحرَّمَهُ. وبعضُهُم السُّنَّةَ فأَحَلَّهُ.

وقَالَ بعضُهُمْ: إِنْ أَمْكَنَ الجمعُ وإِلاَّ قَدَّمَ الكتَابَ إِنْ كَانَتِ السُّنَّةِ آحَادًا، فإِن كَانَتْ مُتَوَاتِرَةً فسَيَأْتِي فِي كلاَمِِهِِ.

وَقَدْ يقَالَ: هذَا مُكَرَّرٌ، فإِنَّه تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: (إِنَّهُ يخصُّ عمومَ القرآنِ بخبرِ الوَاحِدِ) ويلزَمُ مِنْهُ التّنَاقضُ فإِنَّه اختَارَ هنَاك التّخصيصَ وهنَا التّعَارُضُ، فإِنْ تعذَّرَ الجمعُ بَيْنَ الدَّلِيلينِ المتعَارضِين فإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُتَقَدِّمًا وَالآخرُ متأَخِّرًا أَو يتقَارَنَا أَو يَجْهَلَ التَّاريخُ.

الحَالةُ الأُولَى أَنْ يَعْلَمَ المتأَخِّرَ مِنْهُمَا، فهو نَاسِخٌ للأَوَّلِ، إِنْ قَبِلَ حُكْمُهُ النّسخَ، فإِنْ لَمْ يَقْبَلِ النَّسْخَ/ (١٦٧/أَ/د) تسَاقَطَا، ووَجَبَ الرجوعُ إِلَى غيرِهمَا، كَذَا قَالَهُ الإِمَامُ.

وَاعترضَه +النّقْشَوَانِيُّ بأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْبَلِ النَّسْخَ امتنَعَ العَمَلُ بِالمتأَخِّرِ فتعيَّنَ

<<  <   >  >>