للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيال الإسبان وأقبلوا عليه إقبال الذئاب الكواسر .... أولئك هم الذين كانت تؤنسه أصواتهم، فيطوي عليها سمعه حين أغفى.

* * *

وتلفت حوله فلم يجد إلا حرس القصر، وما كان حرس القصر رجال حرب ولا فرسان ضِراب، وأحس بالخطر، ورأى أنه قد كاد يفقد كل شيء. ولكنه لم يفقد الشرف ولا الشجاعة ولا النبل:

إن يسلُبِ القومُ العدى (١) ... مُلكي وتُسْلمْني الجُموعُ

فالقَلبُ بين ضلوعِهِ ... لم تُسلم القلبَ الضلوعُ

لم أُستَلَبْ شرفَ الطباعِ، ... أيُسلَبُ الشرف الرفيع

ولا يزال سيفه في يده، فخرج به وما عليه إلا غلالة رقيقة، لم يمهلوه حتى يلبس لأمته ويدرع. وأراد حرسه وأهله أن يجنبوه هذا الهلاك الأكيد، وأن يحسّنوا له الموادعة حتى تنكسر حدة الهجوم وتمكن البادرة:

قالوا الخضوعُ سياسةٌ ... فليَبْدُ منك لهم خُضوعُ

وبرزتُ، ليس سوى القميـ ... ـص عن الحَشا شيءٌ دَفوعُ

فأبت له مروءته وحميته، ونفس تعاف العار حتى كأنما هو


(١) يكتب بالياء وإن كان أصله الواو لمكان الكسرة التي في أوله (اللسان). وقد قال الشاعر هذه القطعة العبقرية بعد أسره.

<<  <   >  >>