للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطفق يسمع صوتاً يهتف به أن خذها؛ فهي رزق ساقه الله إليك ... ادفع بها الموت عن بناتك اللائي أطاف بهن الموت ... أشبع بها هذه الأكباد الغرثى ... اكسُ هذه الأجساد العارية. ثم إذا أيسرت رددتها إلى صاحبها أو دفعتها إليه ناقصة دنانير لن يضره على غناه نقصها. ثم يسمع هاتف دينه يقول له: اصبر - يا رجل - ولا تخن أمانتك ولا تعصِ ربك.

وعقد العزم على الصبر، واستعان بالله، وذهب إلى داره يخبئ الهميان حتى يجيء صاحبه ... أو يحكم الله فيه.

* * *

ودخل الدار متلصصاً، فرأته امرأته فقالت: ما جاء بك يا أبا غياث؟

قال: لا شيء.

وأحب أن يكتمها خبر الهميان، وما كان يكتمها من قبل أمراً.

قالت: بلى والله، إن معك شيئاً، فما هو؟

فخاف أن تراه فيستطار لبها، فقص عليها القصة. وكانت امرأة تقية دينة، ولكنها أضعف منه إرادة وأوهن عزماً، فقالت: افتحه وخذ منه دنانير اشتر لنا بها شيئاً، فإننا مضطرون والمضطر يأكل الميتة (١).


(١) ما قالته هو الحكم الشرعي.

<<  <   >  >>