والتغيير فصار كالعابث قاله في توضيحه وبهذا التقرير علمت أن ما نظر فيه غير ما جزم به هنا وشمل قوله يجزي عن الوضوء ثلاث صور:
إحداها: أن يغتسل ابتداء فيجزي عن الوضوء ولو حصل منه ناقضة كمس ذكره لكن قبل غسل شيء من أعضاء الوضوء اتفاقًا فإن انتقض بعد تمام غسله لم يجز عن الوضوء اتفاقًا أيضًا فإن انتقض قبل تمام غسله وبعد تمام أعضاء وضوئه أو في أثنائهما لم يجز الغسل أيضًا عن الوضوء عند ابن أبي زيد وهو المعتمد بناء على أن الحدث يرتفع عن كل عضو بانفراده أو على أن الدوام ليس كالابتداء فليست نية الأكبر منسحبة حكمًا ويجزيه عند القابسي على العكس من التوجهين المذكورين.
الصورة الثانية: أن يتوضأ بنية الغسل قبل ابتدائه فيه.
الثالثة: أن يتوضأ بنية الوضوء قبل ابتدائه في الغسل أيضًا ثم ينتقض وضوؤه فيهما قبل شروعه في الغسل أو بعده وقبل فعل شيء من أعضاء وضوئه فيجزي الغسل أي تعميم الجسد بعد عن الوضوء في هاتين من غير احتياج لنية وضوء فإن انتقض قبل تمام غسله وبعد تمام أعضاء الوضوء أو أثنائها جرى قولًا الشيخين المتقدمين ومبناهما تأمل ثم أجزاء الغسل في جميع ما مر ظاهر لأن ناقض الأصغر إنما نقضه فقط لا الأكبر (و) يجزي (غسل الوضوء) بنيته (عن غسل محله) إن كان متذكرًا لجنابته بل (ولو ناسيًا لجنابته) عند نية الوضوء وشمل كلامه
ــ
يبدأ بالوضوء ولا ختم به لأجزأه غسله عن الوضوء لاشتماله عليه هذا إن لم يحدث بعد غسل شيء من أعضاء الوضوء فإن أحدث فلا يخلو من ثلاث صور:
إحداها: أن يحدث قبل غسل شيء من أعضاء الوضوء فهذا الذي قلنا فيه يجزيه الغسل عن الوضوء.
والثانية: بعد غسله فهذا كمحدث يلزمه أن يجدد وضوءه.
والثالثة: أن يحدث في أثناء غسله فهذا إن لم يرجع فيغسل ما غسل من أعضاء وضوئه قبل حدثه فإنه لا يجزيه وهل يفتقر هذا في غسل ما تقدم من أعضاء وضوئه إلى نية أو تجزيه نية الغسل عن ذلك فيه قولان للمتأخرين قال أبو محمَّد بن أبي زيد يفتقر إلى نية ورأى أبو الحسن القابسي إنه لا يفتقر إلى نية وهذا مبني على الخلاف هل يرتفع الحدث عن كل عضو بانفراده أو لا يرتفع الحدث عن كل عضو إلا بكماله الخ اهـ.
فبهذا يتبين لك ما في زمن التخليط الذي لا معنى له فتأمله فإن قلت إذا كان الحدث عند القابسي لا يرتفع إلا بالتمام فأي حاجة عنده إلى إعادة ما فعل من أعضاء الوضوء قبل أن يحدث مع إنه تجب إعادة الوضوء باتفاق القولين قلت لأن الحدث مانع من أجزاء ما فعل قبله كما تقدم عند قوله أو فرق النية على الأعضاء (وغسل الوضوء عن غسله محله) قول ز فلم ذكره الخ قد يقال ذكره على وجه التمثيل لإيضاحه وقول ز وكذا مسحه عن مسح محله أي لا يجزى ابن عرفة وصوّب عدم الإجزاء بأنه للغسل واجب لكل الرأس إجماعًا وللوضوء