تقدم الوضوء عن غسل الجنابة وتأخره عنها ولكن قوله ولو ناسيًا لجنابته يدل على تقدم الوضوء وقد يمنع ذلك وعليه فقوله كلمعة منها الخ داخل في قوله وغسل الوضوء فلم ذكره فإن قيل للمبالغة قلت يأتي أن المبالغة ليست في محلها وظاهر قوله وغسل الوضوء عن غسل محله يشمل من انتقض وضوؤه قبل غسله وهو كذلك لأن الناقض إنما أبطل حكم الأصغر قاله عج قال د في تقرير المصنف ومعنى ذلك أنه إذا غسل أعضاء الوضوء بنيته ثم أراد أن يقتصر على ذلك ولا يغسلها بنية الجنابة فإن ذلك يجزيه لأن نية الوضوء تجزي عن نية الغسل وأما لو غسلها أي ابتدأ بنية الجنابة فليس له أن يغسلها ثانيًا إما على الكراهة أو التحريم كما في الوضوء فمعنى كونها تجزي عن الغسل أنه لا يحتاج إلى غسل الأعضاء ثانيًا أي للغسل وليس المعنى أنه يفعل الجميع بنية الوضوء حتى أنه لو ذهل عن النية أي للغسل بعد الوضوء وفعل الباقي بعد الذهول يكفيه ذلك لأنه قد فعل ما عدا الوضوء بغير نية إذ نية الوضوء لا تعم جميع الأعضاء وهذا ظاهر واحترز بقوله وغسل الوضوء عن مسح الوضوء فلا يجزى عن غسل محله وكذا مسحه من مسح محله عند أشياخ ابن عبد السلام وأفتى هو بالإجزاء وصورته أن من به نزلة في رأسه ولا يقدر على غسله في الغسل فإنه يمسحه فإن مسحه في الوضوء فيجزي ذلك عن مسح محله في الغسل عنده دون أشياخه قلت يفهم مما هنا أن المراد بغسل الوضوء الغسل الأصلي وأما لو غسل رأسه في الوضوء فلا يجزيه عن غسله في الغسل لأن غسله في الوضوء ليس بواجب بل إما حرام أو مكروه أو خلاف الأولى كما مر عند قوله وغسله مجز فلم ينب واجب عن واجب وليست كمسألة ابن عبد السلام وأشياخه لأن ذلك لم يرتكب فيها منهيًا عنه بخلاف هذه (كلمعة) بضم اللام وهي ما لا يصيبه الماء عند الغسل تركت (منها) أي من الجنابة في أعضاء الوضوء ثم فغسلت فيه بنية الأصغر (وإن) كانت اللمعة التي في أعضاء الوضوء (عن جبيرة) مسح عليها في غسله ثم سقطت أو برئت فغسلت في الوضوء بنيته فتجزي عن غسل الجنابة لأن الغسل فيهما واحد وهما فرضان فأجزأ أحدهما عن الآخر بخلاف من تيمم للوضوء ناسيًا الجنابة فإنه لا يجزي عن تيمم الجنابة إذا كان فرضه التيمم لها لأن تيمم الوضوء نائب عن غسل أعضاء الوضوء وتيمم الجنابة نائب عن غسل جميع الجسد فلا يجزي ما ناب عن غسل بعض الجسد عما ينوب عن جميعه.
تنبيه: لا شك أن المبالغ عليه هو المتوهم ولا شك أن نيابة غسل الوضوء عن غسل الجنابة في عضو صحيح يتوهم فيه عدم ذلك أكثر مما يتوهم فيه عدم ذلك في عضو ومريض فكان المناسب أن يبالغ على العضو الصحيح فيقول كلمعة منها وإن عن صحيح.
ــ
قد لا يعم وإن عم فالعموم غير واجب إجماعًا فصار كفضيلة عن واجب ابن عرفة وبأن مسح الغسل كالغسل والمسح لا يكفي من الغسل اهـ.
قال غ في تكميله لعله يعني بقوله غير واجب إجماعًا أن العموم غير مجمع على وجوبه قيل وبمثل قول ابن عبد السلام قال شيخه أبو علي بن قداح اهـ.