ثم إن من مذهبه رحمه الله ترك الاحتجاج بالمراسيل إلا بشروط سنذكرها في مقدمة الأصول إن شاء الله تعالى.
ولو ذكر سند الحديث وعرفت عدالة رجاله إلى التابعي وسقط من السند ذكر الصحابي كان مرسلا, ويورد هؤلاء المصنفون هذه الأحاديث محتجين بها بلا إسناد أصلا, فيقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويظنون أن ذلك حجة, وإمامهم رضي الله عنه يرى أنه لو سقط من السند الصحابي وحده لم يكن حجة, وكذا لو سقط غير الصحابي من السند, فليتهم إذ عجزوا عن أسانيد الحديث ومعرفة رجالها عزوها إلى الكتب التي أخذوها منها, ولتكن من كتب الحديث المعتمد عليها, ولكنهم لم يأخذوا تلك الأحاديث إلا من كتب من سبقهم من مشايخهم ممن هو على مثل حالهم, فبعضهم يأخذها من بعض / فيقع التغيير والزيادة والنقصان فيما صح أصله, ويختلط الصحيح بالسقيم, وهذا كله غير مستقيم, بل الواجب في الستدلال على الأحكام, وبيان الحلال والحرام, أن من يستدل بحديث يذكر سنده ويتكلم عليه بما يجوز الاستدلال به, أو يعزوه إلى كتاب مشهور من كتب أهل الحديث المتعمدة, فيرجع من يطلب صحة ذلك الحديث وسقمه إلى ذلك الكتاب وينظر في سنده, وما قال ذلك المصنف أو غيره فيه. وما أحسن ما قال الحافظ البيهقي للشيخ أبي محمد الجويني في "رسالته" التي كتبها إليه ونصحه فيها قال: ((وكنت أسمع رغبة الشيخ-أدام الله أيامه-في سماع الحديث والنظر في كتب أهله, فأسكن إليه, واشكر الله تعالى عليه, وأقول في نفسي ثم فيما