والغريب والضعيف, وفيه عن الأئمة فقه كثير, ثم "سنن" أبي داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم, ممن هو في زمن هؤلاء المذكورين وفي طبقتهم, ففي ذلك العصر أكثر من تدوين كتب الحديث وجمعت ونقحت وميزت. ومن بعدهم "سنن أبي الحسن الداراقطني", و"التقاسيم" لأبي حاتم بن حبان, وغيرهما.
ثم ما / رتبه وجمعه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي في "سننه الكبير", و"الأوسط", و"الصغير" التي أتى بها على ترتيب "مختصر المزني", وقربها إلى الفقهاء بجهده. فلا عذر لهم ولا سيما الشافعية منهم في تجنب الاشتغال بهذه الكتب أو ببعضها. وكثر النظر فيها وسماعها, والبحث عن فقهها ومعانيها, ومطالعة الكتب النفيسة المصنفة في شروحها وغريبها, بل أفنوا زمانهم وعمرهم في النظر في أقوال من سبقهم من متأخري الفقهاء, وتركوا النظر في نصوص نبيهم المعصوم من الخطأ صلى الله عليه وسلم, وآثار الصحابة الذين شهدوا الوحي وعاينوا المصطفى, وفهموا أنفاس الشريعة؛ فلا جرم حرم هؤلاء رتبة الاجتهاد, وبقوا مقلدين على الآباد.
وقد كانت العلماء في الصدر الأول معذورين في ترك ما لم يفقهوا عليه من الحديث؛ لأن الأحاديث لم تكن حينئذ فيما بينهم مدونة, إنما كانت تتلقى من أفواه الرجال وهم متفرقون في البلدان, ولو كان الشافعي رحمه الله وجد في