زمانه كتابا في أحكام السنن أكبر من "الموطأ" لحفظه مضافا إلى ما تلقاه من أفواه مشايخه, فلهذا كان الشافعي بالعراق يقول لأحمد بن حنبل رحمهما الله: أعلموني بالحديث الصحيح أصر إليه.
وفي رواية: إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا حتى أذهب إليه.
ثم قد زال العذر ولله الحمد بجمع الحفاظ الأحاديث المحتج بها في كتب, نوعوها وقسموها, وسهلوا الطريق إليها فبوبوها وترجموها, وبينوا ضعف كثير منها وصحته, وتكلموا في عدالة الرجال وجرح المجروح منهم, وفي علل الحديث, ولم يدعوا لمشتغل شيئا يتعلل به, وفسر القرآن والحديث, وتكلم على غريبهما وفقههما, وكل ما يتعلق / بهما, في مصنفات عديدة جليلة, فالآلات متهيئة لذي طلب صادق وهمة ذكاء وفطنة.
وأئمة الحديث المعتبرون هم القدوة في فنهم, فوجب الرجوع إليهم في ذلك, وعرض آراء الفقهاء على السنن والآثار الصحيحة, فما ساعده الأثر فهو المعتبر وإلا فلا.
ولا نبطل الخبر بالرأي بل نضعفه إن كان على اختلاف وجوه الضعف من علل الحديث المعروفة عند أهله, أو باجماع الكافة على خلافه, وقد يظهر ضعف الحديث وقد يخفى. وأقرب ما يؤمر به في ذلك أنك متى رأيت حديثا