للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قِبَلَ نجدٍ، فغنموا إبلاً كثيرة، فكان سهمانهم اثني عشر بعيراً -أو: أحد عشر بعيراً-، ونفلوا بعيراً بعيراً (١) .

فوجهُ الدليلِ منه أنه ذكر فيه التنفيل زيادةً على القسم، فكان النفل شيئاً زائداً على السهم من جملة الغنمية.

وخرَّج مسلم (٢) عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنفِّلُ بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصَّة، سوى قَسْمِ عامَّةِ الجيش.

وفيه قول ثالث: أن الأنفال هو الخُمس خاصَّة؛ كان المهاجرون

سألوا لمن هو؟ فأنزل الله -عز وجل- في ذلك: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] ، رُوي هذا القول عن مجاهدٍ -أيضاً- (٣) .


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب المغازي (باب في السرية التي قبل نجد) (رقم ٤٣٣٨) ، وفي كتاب فرض الخمس (باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين) (رقم ٣١٣٤) ، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الجهاد (باب الأنفال) (١٧٤٩) (٣٧) ، ومالك في «الموطأ» في كتاب الجهاد (باب جامع النفل في الغزو) (٢/٤٥٠) ، وغيرهم.
(٢) في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب الأنفال) (١٧٤٩) (٤٠) .
وأخرجه البخاري (رقم ٣١٣٥) .
(٣) أخرجه عنه ابن جرير في «التفسير» (٩/١٧٠) .
ثم قال بعد ذكره أقوال العلماء: «قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في معنى الأنفال قول من قال: هي زيادات يزيدها الإمام بعض الجيش أو جميعهم؛ إما من سلبه على حقوقهم من القسمة، وإما مما وصل إليه بالنفل، أو ببعض أسبابه، ترغيباً له، وتحريضاً لمن معه من جيشه، على ما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين، أو صلاح أحد الفريقين، وقد يدخل في ذلك ما قاله ابن عباس من أنه الفرس، والدرع، ونحوذ لك، ويدخل فيه ما قاله عطاء من أن ذلك ما عاد من المشركين إلى المسلمين من عبد أو فرس؛ لأن ذلك أمره إلى الإمام إذا لم يكن ما وصلوا إليه لغلبة وقهر، يفعل ما فيه صلاح أهل الإسلام، وقد يدخل فيه ما غلب عليه الجيش بقهر.
وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال بالصواب؛ لأن النَّفل في كلام العرب، إنما هو الزيادة على الشيء، يقال منه: نفلتك كذا، وأنفلتك: إذا زدتك، والأنفال: جمع نفل؛ ومنه قول لبيد بن ربيعة: =

<<  <   >  >>